السبت، 20 أغسطس 2011

لست هارون الرشيد.. ولست أنيس الجليس!

لأني أحب ما كنا عليه يوما ما؛ أرفض أن نستحيل ذلك المسخ الذي أراه في منامي... أرفض أن أحول أمير حواديتي البريئة إلى ضبع أسطوري أخشاه وأرغبه وأرهبه في عين اللحظة ذاتها، وحين يهمس تحت نافذتي لايسعني إلا أن أتبعه منومة مسحورة إلى متاهات الأنين الباكي.
أنا أرفض أن أضيع في أفلاك أعجز عن حساب أبعادها، وأهيم في صحراء النسيان وآكلي اللوتس، أرفض أن أستحيل جزءا من كيان لايعرفني.. لايستثنيني.. لايقدرني.. لا يعتبرني -حتى- جزءا من كل؛ لأنه ينوي سلفا إذابتي وتحويلي إلى مركب آخر لا أعرفه ولا أدركه.
فأنا كائن.. كل متكامل.. كاملة بدونك... حتى وإن ادعيت أنا نفسي غير ذلك.. لا أحتاجك لكي أكون؛ لأني موجودة رغم أنف الجميع، وربما رغم أنفي أنا أيضا.
لقد قضيت سنوات طوال أحيك هذا الكائن الذي هو أنا.. مزيج من متناقضات ومتنازعات لم تتفق يوما إلا في عقلي، الذي ربما كان مريضا لنزوعه لأن يكون مسرحا لذلك العراك الأبدي، الذي لم ولن ينتهي بين تلك الأشياء التي لم تجتمع يوما على صفحة كتاب، فمابالك بعقل إنسان، وعقل إمرأة بالتحديد!
ولكني لا أستطيع إلا ان أكون هذه المرأة، التي رفضت القيد دوما، حتى ولو جاء على صورة إسورة من ضوء القمر يقدمها عاشق طالما تقت لأن أسكن وأذوب عشقا في أحضانه الدافئة.
فعذرا صديقي فهذه المرأة لا تستطيع أن تكون إحدى سبايا غزواتك حتى لو توجتها ملكة على جماع حريمك ... سيظل دوما بيننا محيط مالح من أجساد النساء المتلاطمة، وحاجز من آهات الغنج والشهوة يحرمنا من سماع آهات عشقنا الذي كان يوما ما بريئا.
فياحبيبي الصغير –واسمح لي أن أدعوك هكذا- تمنيت كثيرا أن أجدك في إحدى حواديت طريقي ، لكنني حين وجدتك، وجدت معك سلة من العيون المفتوحة، ولما كنت مثلك أحفل بالتفاصيل لم يكن بامكاني أن أتجاهل مارأيت وماشعرت، ولم يكن بإمكاني سوى أن أكمل طريقي، وأدعي أنني لست أنا، وأنك أنت لست أنت، وأن لقاءنا القديم لم يكن أبدا، وأن كل ما كان ربما كان حلما حلمته، أو قصة ألفتها ذات ليلة.

Enter your email address:

Delivered by FeedBurner

صديقي.. الذي كان يوما ما صغيرا

صديقي..مع الأسف لانستطيع إلا أن نكون- فقط -أصدقاء، فعالمك شديد البعد عن عالمي، أنت ترسم خرائط متعتك على أجساد نسائك، وأنا أرسم دوائر بالطباشير وأتخيل فيها مدنا وبيوتا أحب أن أعيش فيها... أنت تعشق الجنون، وأنا أقلعت عنه منذ زمن بعيد
عالمك مرهق وحكاياتك مخيفة ..مخيفة أكثر من كل أفلام الرعب التي شاهدتها يوما، وحكايات السحر الأسود التي تحدث عنها الأدب الغرائبي، وحقا لا أستطيع مجاراتك
ايقاعنا مختلف..أنت كائن تمزج الليل بالنهار كما لو كان قهوة باللبن تحتسيها صباحا ومساء على حد سواء، وأنا مخلوق نهاري مثل كل المخلوقات الفطرية التي لم تسمع بعد عن إنارة الكهرباء، لذا فاللحاق بك أصعب مما تتخيل
 ربما كنت استطيع التكيف معك في الماضي لكني الآن لا أستطيع سوى ان أقول لقد فات الأوان ..فات أوان أن نذوب كل في الآخر
لكن في النهاية مازال بوسعنا ياصديقي أن نظل أصدقاء وكما قلت لك من قبل اعتبرني هدية من الرب..قطعة من ذاتك وهبك إياها  وجعلها على هيئة أخرى تشبهني، اعتبرني تلك الذات الأخرى التي يمكنك دوما أن تفضفض معها وتبكي على كتفها إن أردت
ستجدني دائما بجوارك إذا احتجتني ، فإن أردت يوما الحديث فأنت تعرف - هذه المرة- كيف تصل إلي...
في النهاية لايسعني إلا أن أقول لك وداعا ياصديقي الصغير الذي سيظل في عيني ذلك الصبي الصغير الذي شاهدته أول مرة وهو يلعب بخشونة مع أترابه في فناء المدرسة والذي جاءني بعدها وقال لي هل يمكننا أن نتبادل القصص؟

Enter your email address:

Delivered by FeedBurner

من قال أن عصفور في اليد خير من عشرة على الشجرة

دائما كنت أحلم بعصافير الشجرة، ولهذا أطلقت عصافيري جميعا، ومنحتهم صكوك الحرية أملا في أن يعتقوني من أسر عبودية ضحالة زقزقتهم الفارغة، لكنهم لم يرحلوا..وقفوا يراقبونني بعيون تملؤها الكراهية..ألقيت إليهم بفتات أيامي كي يحلقوا في سماء شخص غيري..وكانت هذه هي خطيئتي الكبرى..لم يرحلوا، وعندما حاولت تسلق الشجرة كي اقبض على أحد عصافيرها البيض نقروني في عيني كي لا أرى، ولكني رأيت بالعين الأخرى الباقية أجمل ما لم ير أنسان..رأيت حلما أنسجه برموش عيني التي صارت مظلمة..ولامست بطرف إصبعي قوس قزح الذي قالوا لنا دوما أنه مجرد انكسار لضوء تخلل حبة مطر..كلا لم يكن انكسار لشئ ..كان حلما يتحقق لمن يمد يده ويختطفه عنوة..وقد فعلت..فلم لاتفعلون مثلي!

Enter your email address:

Delivered by FeedBurner