الجمعة، 12 أكتوبر 2012

لنتحاسب !!

بعد ان اوقعتني في حبك عنوه!! بعد ان احببتك!! وبعد ثم بعد لنتحاسب
من احب الثاني اكثر
من بكي اكثر انا ام انت ...من اشتاق اكثر انا ام انت ...من زاره الحنين اكثر انا ام انت
من اوجعه ضميره انا ام انت؟؟!!...من انطفئ عمره اكثر انا ام انت...
كله كان انا.. فماذا كنت انت!! كلما اكتب شئ واتمني ان تراه اتذكر بلادتك
احيانا اوفر حبر قلمي حتي لاانشر كلمات لن تقرئها فاتذكر ضميرك الميت فاتحمس للكتابه..
لكن ماذا اكتب... وعن من اكتب ... أأكتب عنك وعن تفوقك في الخداع.. ام اكتب عن خيباتي المتكرره كل مره
في صوره رجل...مايرهقني ويحزنني انني لااستطيع التوقف عن الكتابه عنك..مع علمي كل العلم انك لاتستحق حرفا
لكن الكتابه لم تبرد نيران قلبي.. الذي لايستطيع اعلان الحرب عليك
حتي المقهي المفضل لي عندما ذهبت اليه لاعلن الحرب عليك وعلي ذكرياتك
ذهبت الي هناك لانساك ...وعندا سمعت اغنيه فيروز التي كنت اسمعها بصوتك كل ليله قبل النوم...
فتعمدت اذناي تجاهل الصوت.. الا ان ضربات قلبي اثبتت لي ان قلبي يسمع الاغنيه جيدا

فسقطت مره اخري في ذكريات مره..تذكرت صوتك.. وانت تغني لي لتساعدني علي النوم
تذكرت كم كنت عاشق جيد بدرجه الامتياز.. تذكرت وتذكرت واكثر مايؤلمني انني كنت اشعر بخداعك لي
ولم اكن اريد ان اصدق نفسي واشوه صورتك الجميله داخلي..
تري هل كنت صادقا حين كنت تغني لي.. تري هل احببتني فعلا...
تري هل كنت فعلا رجلا اخر لااعرفه .. وحتي الان احاول ان اعرفه!

سؤال يحيرني... ماذا كنت انت

الثلاثاء، 3 أبريل 2012

لحظة وجع..

كان يوما مشمسا.. كان أول يوم في الفصل الدراسي الثاني.. مضت الإجازة ثقيلة مملة حزينة.. فأنا بعيدة عن حبيبي.. كنت قد حاولت الاتصال به مرة لكن الهاتف الخاص به كان مغلقا.. تحملت الأيام والليالي الطويلة.. وانتظرت.. انتظرت الفصل الجديد.. قضيت الليل اتخير ملابسي.. هذا اللون يحبه علي.. ولون أحمر الشفاه الأحمر يشعر أنه مبالغ فيه ويلفت النظر أكثر من اللازم.. حسنا سأضع لونا أقل حدة.. كنت أريد لليوم أن يكون أفضل مايكون.. وحانت اللحظة دخلت المكان وقلبي يرقص فرحا.. صعدت إلى المكتب أنتظر ظهوره.. مرت الدقائق أطول مما أطيق.. ثم سمعت ضجة قدومه المعتادة.. رقص قلبي فرحا.. دخل في معية أناس أعرفهم.. لكني لم أر سواه.. مد يده ليسلم على وفي عينيه نظرة لم أفهمها لأول وهلة.. لكني سرعان مافهمتها.. كانت دبلة ذهبية فاقعة اللون تزين اصبعه.. دارت بي الدنيا .. ولكني ابتلعت هزيمتي ورسمت ابتسامة على شفتي وهمست بصوت مختنق.. مبروك.. رد بصوت مرتفع شامت الله يبارك فيكِ.. انتظرت قليلا في المكان ثم أسرعت خارجة أبتعد عن تلك الضحكات وتلك النظرات الهازئة والشامتة... خرجت من المبنى بأسره.. وقفت في الشارع بين السيارات القادمة والغادية.. لا أدري لأي اتجاه أمضي.. مضت دقائق عديدة والمارة يحدقون بي بدهشة.. وشعرت بدفق ساخن يغمرني.. لقد تخيرت رفيقة أنوثتي هذه اللحظة فقط لكي تتدفق بعد غيابها لعام كامل.. في النهاية أوقفت سيارة تاكسي ومضيت إلى بيت صديقتي... لكنها كانت مازالت في عملها.. لمح زوجها الدموع في عيني فلم يعلق.. جلست منتظرة إياها أحتضن ابنتيها الاثنتين وأنا أبكي بكاء مرا بلاصوت.. والفتاتان تتساءلان بخوف وقلق : مالك ياطنط

السبت، 3 مارس 2012

وعبثت بقفل الصندوق جزء 7 (الأخير)

بدأ جسدها ينتفض الآن ..يرتجف ..عندما عادت بها الذاكرة أيام قليلة الي الوراء ..
كانا قد عادا الي المملكة..بعد زيارة قصيرة إلي مصر ..وجدت تغيرا ملحوظا بينها وبين أفراد العائلة..كلما مرت بمجلس إحداهن..توقفن عن الحديث.
أو وجهن الحديث إلي موضوع آخر ..لاحظت الارتباك بعيون نساء اخوته..كلما مرت بهن ..
حتي ياسر..كانت عيناه شاردتين دائما ..وكلما تحدثت إليه ..وسألته عن سبب شروده..تحجج بالعمل ومشاكل العملاء ..!
لكنها كانت تستشعر بشيء ما يحدث
.يعلمه الجميع..وتجهله هي ..

ذات مساء..ذهب ياسر للدوام..وعلي الفور..اتصلت بعزة..وطلبت منها أن تأتي لتحتسي معها القهوة..
أتت عزة..قدمت لها القهوة..ثم استأذنتها للذهاب إلي الغرفة الثانية ..لاحضار شيء ..مضت عدة دقائق..عادت ..وهي ممسكة بمصحف ..
اقتربت من عزة ..نظرت بعينيها ..ثم قالت بتوسل:بالله عليكي..وحياة المصحف ده ..قوليلي..إيه بيحصل في البيت من ورايا ..؟
في ايه؟ ..وياسر وهما بيدبروا لإيه من ورايا..؟
بدت علي عزة علامات الارتباك..قامت من علي المقعد..وهمت بالذهاب ..وقالت في عجلة:أنا معرفش حاجة ومليش دعوة..
جذبت يد عزة بقوة..وقالت في توسل(ده انا بستحلفك بالله)..
أطالت عزة النظر بعينيها ..ثم قالت:بس متقوليش ان أنا اللي قلتلك..أنا مش ناقصة خناقات مع فهد..
-لا متخافيش ..صدقيني مش هاقول ..
صمتت عزة للحظات..ثم قالت:ياسر هيتجوز..
وقعت الكلمة علي أذنيها كالصاعقة ..أغمضت عينيها لثوان ..
نعم ..قد صدقها قلبها ..صدقتها عيناها ..عندما همست لها ..أن عيني ياسر ..شاردتان..ليستا معها ..
ابتلعت ريقها ..ثم قالت بصوت..مختنق..
-مين ..؟
قالت عزة في تردد:بـ.. بنت عمه ..اللي جوزها مات من كام شهر ..فاكرة..؟
أغمضت عيناها..وهزت براسها..بالايجاب..
تركتها عزة ..ومضت..
اشتعلت النيران داخلها..
أخذت ترمق أرجاء الغرفة .بعينيها ..لكنها لا تري شيئا ..لا تري أمامها ..سوى ياسر ..ومجالس النساء
إلى هذا الحد يستهينون بها.!..اشتعلت نيران الغضب بداخلها أكثر وأكثر..بدأت دموعها بالسقوط..
تناولت هاتفها في غضب ..ودقت هاتف ياسر..
-(بصوت..يخالطه صوت نحيبها..):أيوه يا ياسر ..
-(بفزع):مالك يا نور..ايش في ..؟
-(وصوت نحيبها يزداد شيئا فشيئا):تعالي دلوقتي ..تعالي دلوقتي ..
-حاضر حاضر..إهدي بس ..
أغلقت الهاتف بوجهه..ركب سيارته مسرعا..ومضى في طريق المنزل ..مضي بذهن مشتت..وعينين شاردتين..يعلم ما بحبيبته جيدا ..
ولكن لايعلم ماذا سيخبرها ..وبأي سبب ..سيبرر موقفه ..وما يحدث ..
وصل المنزل ..ركض مسرعا إلي غرفتها ..وجدها ..تبكي بشدة ..وقد احمرت وجنتاها ..
توقف عند الباب للحظات ..ثم أغلق الباب ..ومضى نحو مقعد علي يسار الغرفة ..
وضع كفيه علي وجهه..وطأطأ رأسه في ضيق ..
اقتربت منه بخطوات بطيئة ..كفكفت دموعها ..وقالت بصوت مختنق:كدب ..مش كده..اللي قالته عزة ..كدب..صح ..
رفع وجهه..أطال النظر بعينيها ..ثم طأطأ رأسه ثانيةً
صرخت به:انت مبتردش ليه؟ ..ساكت ليه؟ ..اتكلم ..
رفع وجهه إليها ثانية..ثم مسح بيده علي شعرها ..وقال بصوت مملوء بالضيق:إهدي بس يا نور ..
صرخت به:أهدي ايه ..أهدى لحد ما الاقيك مجوز وأنا آخر من يعلم ..
صرخ بها:اسكتي شوي ..أنا ما بعرف ايش اسوي ..خلاص عقلي بيروح مني من كتر التفكير ..
توقفت عن البكاء فجأة..وامتلكتها الدهشة .وسألته في تعجب:يعني ايه مش عارف هتعمل اية؟؟هو في حد غاصبك علي الجواز ..
أطال النظر بعينيها..وقال بصوت مختنق:ابوي يا نور ..العيلة كلها شايفة اني لازم اتزوج بنت عمي ..
-طيب وانت ..شايف إيه ..؟
أخذ ينظر بعينيها ..ولم يجبها ..
أمسكت برأسه بين كفيها ..نظرت بعينيه..ثم قالت ..بصوت خافت..حزين:هاتعمل إيه يا ياسر ..؟
حل الصمت لحظات..
(ثم صرخت بوجهه):هتعمل إيه يا ياسر ..؟
صرخ بوجهها:ما بعرف..قلتلك ما بعرف ..
أطالت النظر بعينيه..ثم قالت بصوت خافت:هتجوزها ..؟؟
نظر إليها بحزن..ثم استدار بوجهه..أدارت وجهه إليها بقوة..وصرخت به:هتجوزها ؟؟
طأطأ رأسه ..وأجابها في خجل..:معرفش ..
توقفت عن البكاء ..كفكفت دموعها ..نظرت إليه بحزن ..ثم قالت ..بحزم:لما تبقي تعرف هتعمل ايه ..عشان مراتك وبيتك ..ابقي تعالي كلمني..
أغلقت الباب بقوة..ومضت نحو غرفة أبنائها ..


اخذت تبكي ليلتها كاملة..آآآآآآآآه ..ثم آآآآآآآآآه ..يأبى شبح المرأة الأخري ..إلا أن يلاحقها ..بالأمس ..لم يتركها ..
لاحقها ..وأخذ منها حبيبها الأول ..أغراه بالشهوة..والمتعة ..سلب لبه وقلبه.. وتركه لها جسدا بلا روح ..
واستسلمت لقدرها..والآن يلاحقها من جديد..يأبى الا ان يأخذ منها أغلي ما تملك..زوجها ...حبيبيها ..قرة عينها..
اخذت تضرب جبهتها بكفها بشدة..وتلعن حظها ..آآه..تعلم أن الشبح قد نجح في خطته..فقد وجد الطريق الأمثل ..للوصول الي زوجها ."أباه ..
وقبيلته ..وعرفه ..وتقاليده .."
أخذت تبكي وتبكي ..تعلم أنها كائن ضعيف ..أمام هذا السد المنيع ..لا تستطيع ..أن تفعل شيئا ..تعلم جيدا أن ما خطط له ..سيتم رغما
عنها ..
لكن صوتاما بداخلها صرخ فجأة:
.لا ..لا تتركيه ..أحتاجه..لا تتركيهم ياخذونه..ويأسرونه..أريده ..يعلو الصوت داخلها ..ويزداد صراخه..
تعلمه جيدا..إنه صوت قلبها ..قد سمعته من قبل ..ولم تقدر علي فعل شيء لأجله ..لكنها لا تستطيع أن تخذله مرة اخرى ..
همت بالذهاب إليه..لكنها توقفت عندما سمعت صوتا آخر..
عقلها..نعم عقلها..هو الآخر صرخ بها..
لا ..لاتذهبي اليه..هو اخبرك أنه ..لا يعلم مالذي سيفعل ..أي إنه يفكر بالامر ..يفكر بالزواج من امراة أخري..!
حتي وإن كان الزواج رغما عنه..فهو يقلب الأمر يمينا ويسارا..أي إنه علي استعداد ..للزواج بامرأة أخرى..
تملكها الكبرياء والعند مرة أخرى
بالماضي امتلكها ..فأبت إلا أن تترك حبيبها الأول..والآن يأبى إلا أن تترك الثاني .. في الماضي كان كبرياؤها صائب الرأي
..لكن الآن ..لا تدري أهو صائب أم مخطيء..؟ لم تعد تدري أي شيء ..

مضت عدة ايام ..حاول ياسر التحدث اليها..لكنها كانت تنظر إليه بحدة ..ولا تلفظ إلا بجملة واحدة"لما تعرف هتعمل ايه ..ابقي كلمني"
وتتركه وتمضي ..

ذات ليلة ..كانت تحتضن ابنها الاكبر..وتغفو إلي جواره ..سمعت خطوات نعلي ياسر ..
فتح الباب..دخل ياسر ..اقترب منها..وهمس لها ..:نور ..تعالي ..
هي(بحدة):عاوز ايه ..؟
سكت للحظات..ثم اجابها بتوسل:تعالي نامي جمبي ..اشتجت لحضنك.. محتاجك جنبي..
-(بحزم وقسوة):ابقي روح نام في حضنها ..
ثم استدارت ..علي جانبها الآخر ..
أطال النظر إليها بحزن ..ثم مضي تجاه الباب ..توقف للحظات..ثم عاد إليها ثانية..
-علي فكرة ..ربنا ما راح يسامحك أبدا ..علي هجرك إلي ..اتذكري هالشي منيح ..وأنا ما راح سامحك..
وتركها ومضي..
لمحت بعينيه ..كما هائلا من الحزن والاحتياج معا ..وأيضا تملكتها الرهبة ..عندما اخبرها ان الله لن يسامحها ..ولاهو كذلك..

أزاحت الغطاء عنها ..ثم مضت نحو غرفتها ..فتحت الباب ..استدار بوجهه إليها ..
تبادلا النظرات ..ثم سألها..:ايه اللي جابك ..جيتي لما قلتلك ان ربنا ما هيرضى عنك ..؟(توقف للحظات..ثم أكمل في حزن)
خلاص يانور ..روحي ما بدي شي منك..أنا مسامحك ..
اقتربت منه ..وضمت رأسه بين ذراعيها ..واخذت اصابعها تتخلل.شعره ..في رفق..
واجابته بحنان:لا يا حبيبي ..أنا جيت عشان انت وحشتني ..زي ما أنا وحشتك ..(اكملت في حزن)..وحشتك ..مش كده ؟؟
ضمها بين ذراعيه بشدة ..وأجابها ..متوسلا ..:وحشتيني مرة..إوعي تتركيني تاني ..إوعي..يانور ..
ضمت راسه بين ذراعيها برفق ..وأخذت تقبلها بحنان ..
وسألته في دلال:امال ليه عايز تسيب حضني..وتروح لحد تاني ..
ازاح ذراعيها بقوة..ونظر لها بغضب ..ثم قال لها:يوووووه..هو لازم كل شي منيح تعكريه ..بلا كلام بالموضوع هاد..
-(بصوت مرتفع):لا..مش هبطل كلام في الموضوع ده..لحد ما تقولي هتعمل ايه ..
-نور انتي ايش تبغي بالضبط..(وارتفع صوته)لايش بدك توصلي..؟؟
اقتربت منه ..وهمست له (بدلال):بدي تكون ليا..ومحدش ياخدك مني ..
-(باستنكار):ومين قالك اني راح اتركك..مو معنى ..اني هتزوج..اني راح اتركك..بالعكس راح اعطيكي حجك متلك متلها ..
المفروض هي اللي تخاف ..مو إنتي..لاني بحبك إنتي أكتر ..وراح أميلك غصب عني ..يعني هي راح تتظلم معي ..
-(باستنكار):طب ليه! ..تظلم واحدة تانية ليه!..إيه اللي يجبرنا علي كده ..!؟
-(بصوت عال):ابوي..والعيلة كلها ..(ثم هدأ من نبرته):نور ..هادا..عرف ..وعادات وتجاليد..ما بيصير تموت ..
نظرت إليه بحزن .ثم قالت بصوت مختنق:بس انا..أنا بس اللي ينفع تموت .. مش كده ..؟
ضم رأسها بين كفيه برفق..ثم قال(بحنان):بعد الشر عنك .إنتي حبيبتي وروح قلبي..بس إيش اسوي ..صدقيني أنا ما بعرف إيش اسوي ..
أنا لو بإرادتي ..ما راح اتزوج أبدا غيرك ..بس ما باليد حيلة ..ابوي هو اللي أمر بكده ..
اطالت النظر بعينيه..وسألته (بحزن وقهر)..:طب ليه!..إنت ليه ..ليه مش حد تاني ..؟!
-بتعرفي إن اخوتي كلهم متزوجين ..أكثر من واحدة..وابوي أصر إني أتزوجها ..عشان كمان يصير عندي زوجة من بنات بلدي ..
وكمان ما بيصير .. تتزوج من خارج عيلتنا ..
سقطت الدموع من عينيها.. سألته بصوت مختنق:طب ليه ..أنا قصرت في ايه ..عشان تتجوز واحدة ..تانية..؟!(واكملت بصوت مختنق..)
بدل الولد..خلفتلك اتنين ..وإن شاء الله اجيب تاني ..باخد بالي منهم.. ومنك..بصحتي والحمد لله..مش بتعبانة ..
واظن مكفياك في احتياجاتك .. (ثم سألته بصوت خافت)..مش كده ..مش احنا كويسين..؟
أجابها بعينيه..يالإيجاب
صرخت به..:يبقي ليه ..ليه لازم كل حاجة حلوة تتاخد مني ..(ثم اكملت بنبرة ..مملوءة بالقهر والحزن)..
زمان ..كنت بحس إن الحياة دي ..وحشة أوي ..مبتدومش لحد..الناس اللي بنحبهم ..دايما بيفارقونا..يا بيموتوا..يا بيروحوا لناس تانية ..
(كفكفت دموعها..ثم اكملت):لحد ما شفتك..قلت خلاص ..الحياة ..بدأت يبقي فيها حاجة حلوة ..بدأت تضحكلي ..
وفجأة كل حاجة بتروح مني ..طب ليه ..(ثم لطمت وجهها بقوة..واخذ تبكي وتبكي):لية عاوزين ياخدوك مني ..ليه ..؟
لية تروح لواحدة تانية..ليه ..؟
ضمها بين ذراعيه بقوة..واخذ يكفكف دموعها ..
واجابها في حزن:لا تبكي..عشان خاطري لاتبكي..والله أنا ما شفتها للحين .وكمان أكبر مني ..يعني أصلا أنا ما أبغاها ...ولا أبغى حدا غيرك
إنتي حبيبتي ..وزوجتي..وما راح اتركك ابدا ..إنتي روحي يا نور ..
مسحت دموعها ..وقالت في حزم:خلاص ..نمشي ..نسيب البلد كلها ..ونمشي..نرجع مصر ..
-(باستنكار ودهشة):نرحل ..نرحل إيش..
-ايوة نمشي يا ياسر ..نروح نعيش هناك ..نترك كل شي..ونبتدي هناك ..
-(بتعجب):نبتدي وين..ونعيش كيف ..!!..إنتي عارفة إحنا قديش بنصرف..وكيف عايشين ..
-نبتدي هناك ..نشتغل ..انت بشهادتك ..هتكفينا وزيادة ..
-بدك أشتغل عند حدا..ويتحكم فيني..بعد ما كنت أنا المالك..؟!
سكتت للحظات ..ثم قالت:خلاص..خد دهبي..والفلوس اللي عندي في البنك..واشتغل بيها ..
-(باستنكار):ايش..بدك ياني اعيش بملكك..واشتغل بمالك..إنتي جنيتي ..!!
-وايه الفرق بينا!..ما كل الفلوس دي وكل الملك ده..انت اللي جبتهولي ..يعني ملكك انت..مش ملكي انا ..
-(بحزم):لا ..هادا مهرك ..وحجك ..وانا ما راح آخد منك شي ..
ثم أكمل باستنكار:كيف بدك اياني..أبعد عن اهلي وعيلتي ..وبلدي..واعيش في بلد مو ببلدي..وناس ما بعرفهم..

وقعت كلماته بأذنها كالصاعقة..ارتجف بدنها ..ثم سألته..بتعجب:أمال أنا سبت اهلي وبلدي وجيت معاك ليه؟! ..لية انا ضحيت بكل ده ..؟!
واخترت اني اكون جنبك..ليه أنا خليتك كل حياتي..واتنازلت عن كل شئ عشانك..وانت مخليني جزء منها..
(نظرت إليه بحسرة)..واكملت في حزن:يظهر اني باهاتي عالفاضي..(ثم همت بالذهاب):جذبها من ذراعها بقوة..أطال النظر بعينيها ..
ثم قال(بتوسل):لا تروحي عشان خاطري ..خليكي جمبي ..(وأكمل في حزن)..انا راح اكلم مع ابوي بكره ..والله يسوي اللي بيه الخير ..
ضمها بين ذراعيه بحنان..كانت عيناه شاردتين..حزينتين..لأنهما لأول مرة.. سيخذلانها ..يعلم جيدا أنه عاجز..علي أن يثني والده عن قراره..

قضت بقية ليلتها في سعادة..لأنها تطمئن كثيرا الى وعوده..لم تذكر أنه تخلف مرة واحدة..عن أحدها..

استيقظت باكرا..علي غير عادتها ..أحضرت له الفطور..داخل الغرفة ..أخذت تطعمه..بدلال..
أطال النظر إليها ..ثم قال:خلاص يانور ..ما في داعي تسوي كل هادا..وتصحي بكير..خبرتك مليون مرة..إني ما أبغي أتزوج..لأن في شي ناقصني.
إنتي راضياني بكل شي...

وارتدى جلبابه..ومضى.. ..

ذهب إلى مكتب والده.وجده يتحدث مع عمه ..هلل فرحا..عندما رأى ياسر ..
والده:تعالي يا ياسر ..داحين كنت بتفج مع عمك ..على موعد العرس ..
تملكه الذهول..ولم يجب..
والده:إيش في يا ياسر..ليش ساكت ..؟!
-(بشرود):ما في شي..بس ..بس مشغول شوي ..أنا لازم اروح ..لمكتبي ..بعد إذنكم ..
والده(بتعجب):طيب انت ليش جيت..؟
-مو متذكر يا أبي ..أنا آسف ..
ثم مضي ..في شرود ..لا يعلم من أين أتي..وإلي أين يذهب ..وماذا سيفعل ..!
جلس بمكتبه ..يفكر ويفكر..يكاد لبه ان يتركه..قطع تفكيره..مجيء اخيه فهد..
فهد:ايش فيك يا ولد ..؟
-(بحزن):ما في شي..
فهد:والله ..وليش وجهك أسود..هيك..
-ابوى..مُصر اني اتزوج بنت عمك..
فهد(بتعجب):وايش فيها يا ياسر ..ليه ما تبغى تتزوجها..؟!
-(بحزن):عشان نور ..مو موافجة..
فهد(باستنكار):ومن متى الحريم ..الهم حج الموافجة ..!
ايش في.. راح تتحكم فيك ..!!
سكت لبرهة .ثم اكمل..:بص يا ياسر...هي مصرية..وهالشي كبير عند المصاروة..بس صدجني شوي..وبتتعود..عزة كانت كده..
بس داحين صارت زوجتي ..رفيجتها ..النسوان هادول ..بيثوروا يثوروا..وبعدين بيهدوا ..وبيرسوا علي لا شي..صدجني ..

أخذ يفكر ويفكر ..بكلام فهد..وعلي ما يبدو..قد اقتنع ..

علي الجانب الاخر..
كانت تمشط شعرها ..أمام المرأة..وتدندن في دلال ..
"يامه القمر ع الباب...نور قناديله..يامه أرد الباب..ولا أناديله..أناديله ..يامه..امه.."..
قطع دندتها ..مجيئ ياسر ..

أخذ يرمقها بعينيه ..من رأسها إلى قدميها ..
نظرت إليه بدهشة..ثم سألته بتعجب:مالك؟ ..بتبصلي كده ليه ..؟
سكت للحظات ..ثم أجابها:لابسة كده ليه..!
-(بدلال):مستنية ..جوزي حبيبي..لما يرجع ..من الشغل ..
ثم نظرت بعينيه..وأكملت بدلال:مش هو بيجي تعبان ..ياحرام..فلازم استناه.. مش كده ولا ايه..
أطال النظر إليها ..ثم طأطأ رأسه في حزن..
دنت منه ..وهمست له برفق ..:مالك يا ياسر؟..عملت ايه مع ابوك ..؟
رفع رأسه..أطال النظر إليها ..ثم طأطأ رأسه.. ثانيةً في خجل..
وأجابها :أنا ما راح اخجل ابوي ..واحرجه امام عمي ..
وقعت كلماته علي أذنيها كالصاعقة..أغمضت عينيها ..خارت قواها فجأة.. واستندت بيدها ..علي المقعد..
نظر إليها في حزن ..ثم أشاح بوجهه عنها ..
ارتجف جسدها ..أخذت تنظر حولها ..لاترى سوي ظلمه..يلاحق عينيها أينما اتجهت..
سكتت للحظات..ثم سألته بصوت مختنق..مملوء بالقهر..والخذل:يعني إيه ؟! ..بعتني ..؟؟!!
صرخ بها:بعتك إيش ..إنتي ليش بتقولي الكلام هاد..
أنا حبيتك ..واحتويتك..وكنت وراح ضل ..كل شيء إلك..
ثم أكمل بحزن:أنا عمري ما جصرت معكي بشي يا نور ..وكل شي بغيتيه سويته..وعمري ما بعتك ..
صرخت به:كدااااااااااااب ..انت كداب ..
(انخفض صوتها..ثم أكملت بحزن):انت.. بعتني..واتخليت عني
عمري ما اتصورت إنك تعمل كده ..إنت أكبر خاين وكداب ..
صرخ بها:أنا عمري ما كنت خاين ..ولا كذاب..إنتي كل شي احتجتيه أنا سويتهولك ..وعمري ما اتخليت عنك..إنتي اللي انانية..
ما بتفكري الا ..بنفسك وبس ..ما بتفكري فيني..وكيف بدي أعصي ابوي ..وكيف بيكون مظهري أمام عيلتي ..
ما بتقدري أنا إيش سويت عشانك..بعمري ما زعلتك..ولا أخرت إلك طلب ..لكن إنتي ما بتفكري غير بنفسك وبس ..
جلتلك راح تضلي زوجتي حبيبيتي..وأبدا ما راح اجصر معك بشي ..
صرخت به:هي كل الحياة طلبات وبس! ..كل الحياة أكل ولبس وفلوس وبس ..!
-إى كل الحياة هيك..وبعدين إيش الفرج بينك وبين باقي الحريم..ما كل زوجات اخواني..جابلين بالوضع..وكل الناس بترضي ..ليش مصعبة الامور هيك؟!

نظرت إليه بحدة ثم قالت:..عشان أنا مش واحدة من الشارع ..إنت عارف كويس أنا مين ..إنت مخدتش واحدة جاهلة..فرحانة بفلوسك.
.ترضى انها تعيش جارية ..ليك ..
(ثم آكملت حديثها بحزم):أنا كان بإيدي ..آخد واحد من بلدي ..وبين أهلي ..ويوفرلي حياة زي اللي انت وفرتهالي ويمكن أحسن..
بس أنا مكنش ناقصني ..شي..مكنش ناقصني غيير حد يحبني بجد ..
وللأسف..افتكرت إنك هتكون الحد ده..بس يظهر اني طلعت مغفلة ..طول الاربع سنين ..واني كنت عايشة ع الفاضي ..
حل الصمت لحظات..هي تبكي ..وهو يطيل النظر إليها بحزن ..
اقترب منها ..وضمها بين ذراعيه برفق ..وهمس لها:إنتي أميرتي ..وحبيبتي.. وراح تضلي الملكة ..
أزاحت ذراعه بقوة..كفكفت دموعها ..وقالت في صلابة:بس مفيش ملكة حد بيشاركها عرشها ..
نظر إليها بدهشة..وسألها في تعجب:يعني ايش..!!
صمتت للحظات..ثم اجابته في حزم:انا سبتك تختار ..بيني وبينها..وانت اخترت ..
وانا مش هقبل اكون مع واحدة تانية ..
سألها بعينيه..
أجابته بحزم:يعني ..طلقني يا ياسر...
تفاجأ من إجابتها..نظر لها بدهشة ..وقال في تعجب:اطلجك..
ثم صرخ بها:انتي جنيييتي..إي والله اكيد جنيتي ..

لم يتوقع منها ياسر ..هذا الطلب ..بل لم بفكر يوما...أن ضريبة زواجه من أخري..هو طلاقه من نور..
ترقرقت الدموع بعينيها..أطالت النظر اليه...وقالت في حزن ..:آه جنيت..جنيت لما افتكرت إن في حب في الدنيا دي..
ثم كفكفت دموعها..وقالت في حزم:هاتطلقني يا ياسر ..
صرخ بها:ما راح اطلجك ..فهمتي علي..
صرخت بوجهه:لا ..قلتلك هاتطلقني ..ومش هاقعد علي ذمتك دقيقة واحدة ...تاني ..
صفعها علي وجهها بقوة ..صفعة..أسقطتها أرضا ..صرخ بها:يظهر اني دللتك كتير ..حتى صرتي..تؤمري وتنهي ..وكأني ما رجال ..
لكن لا يا نور.. راح اتزوج.. وابدا ما راح أطلجك..فهمتي علي ..إنتي ملكي ..وابدا ما هتركك ..

لمعت عيناها بشدة ..أطالت النظر إليه بحدة..وقالت بصوت مختنق:إيه كمان.. هتعمل فيا إيه كمان يا ياسر ؟!..قَووك عليا ..يا ياسر ..
نظر إليها بغضب..ثم تركها ومضي ..

أخذت تلطم وجهها ..وتصرخ ..آآآآآآآآه ...آآآه يا أماه..أذكر جيدا عندما حذرتني..من اختلاف الثقافات..وأن الصدام سيحدث لا محالة ..
لقد علمتك خبرتك..أن الحب وحده..لا ينتصر ..
لكنى لم أكترث لما قلتي..والآن ادفع الثمن غاليا..
.وااااه.واااه...علي تلك الدنيا ..آآآآآه أتعبتني ..لم أعد أقوى علي تحملها ..
خارت قواي ..أيها الشبح ..الذي يأبى أن يتركني ..امضي ..اذهب عني ..يكفي ..آلام ..يكفى عذاب..اتركه لي ..اترك حبيبي ..
اترك زوجي..اترك منجاتي من الصعاب التي تملأ الدنيا ..

مرت بها ليلة ..من أصعب الليالي علي الإطلاق ..كلما أتت احداهن..صرخت بوجهها..وهرولت الأخرى مسرعة ..تخشاها..
أشرقت شمس نهار جديد..لا ترى الا ظلمة ..تحيطها من كل جانب ..
كلما أتت الخادمة بالطعام..أطاحت به في وجه الخادمة ..
فتتركها..وتفر هاربة..
تحتضن ابنها الصغير بشدة ..تصرخ ..فيصرخ معها ..
تبكي ..فيبكي ..ثم تهدىء من روعتها ..وترضعه من ثديها ..وتبلل دموعها..جبهته الرقيقة..

علي الجانب الاخر ..
جلس والد ياسر مع ابنه ..
والده:يابني ..اتركها تروح لاهلها ....سويلها اللي بدها اياه..راح تموت البنية ..
صرخ :لا ..ما راح اتركها تروح لاهلها..أبدا ما راح اتركها ..
ثم هدأ من نبرته ..:أنا آسف يا ابوي ..إني عصبت..بس ربي يعلم اللي انا فيه ..
-بص يا ابني ..اتركها تروح لأهلها ..شوي وبتهدا صدمتها ..وبيجنعوها ..ترجع ..وبتيجي..صدجني انا بفهم الحريم زين ..
..حل الصمت للحظات..ثم قال والده:يلا يا ياسر..اطلع لها ..وخبرها ..إنك هتتركها تسافر لاهلها ..


اقتنع ياسر بكلام والده ..اصطحب الخادمة ..وبرفقتها الطعام ..
دخل الغرفة ..وجدها قد غفت علي الأرض ..وبين احضانها ..طفلها الصغير ..دمعت عيناه ..عندما وجدها على هذا الحال ..
أمسك بالطفل الصغير برفق..أفاقت في فزع ..وصرخت في هلع:سيبوه ..عاوزين منه ايه؟ ..وضمت طفلها الصغير بقوة ..
مسح علي شعرها برفق ..وقال بحزن:لا تخافي ..ما حدا راح ياخده منك..لا تخافي ..
أزاحت يده بقوة ..وصرخت به:إبعد ..إبعد عني ..
ومضت بالبكاء ..وأكملت بصوت يتخلله صوت نحيبها:إبعدوا كلكم ..(أكملت في حسرة):كلكم كدابين ..كلكم ..بتقسوا ..كلكم عاوزين تموتوني ..
(لا تعلم لما تذكرت ..حبيبها السابق ..كأن الحزن يأبي أن يتركها..تذكر كيف اذاها وجرحها)..أخذت تصرخ ..
وتبكي ..:آآآآآآآآآآآآآآه ..إبعدوا بقي عني ..
ارتجف جسدها ..
اقترب منها ..وضمها بقوة ..وقال بصوت باك:عشان خاطري ..لا تبكي ..عشان خاطري .. اللي تبغيه هسويهولك ..
نظرت بعينيه ..وقالت في توسل:سيبني امشي يا ياسر ..عشان خاطري سيبني ..آخد عيالي وامشي ..
ماتموتنيش يا ياسر ..انا مقدرش اشوفك مع واحدة غيري ..(كانت تبكي وتتحدث ..في آن واحد):مقدرش اشوفك ماسك إيد واحدة غيري..
بتدلع واحدة غيري ..(قبلت يده بتوسل):عشان خاطري طلقني ..وسيبني اروح لحالي ..
صدقني ..انا لا هاتجوز ولا هعمل أي حاجة..خلاص انا حياتي انتهت علي كده ..سيبني ..اعيش مع ولادي ..وروح انت اتجوز..وعيش وسط اهلك
بس سيبني ..لحالي وعيالي ..

ثم صرخت :سيبووووووووني بقي ..كفاية عذاااااب بقي كفاية ..

مسح دموعها ..وقال باستسلام:خلاص يا نور ..هتركك ..تروحي لأهلك ..بس اهدي..والله هسويلك اللي تبغيه ..
بس طلاج لا ..روحي وفكري كويس ..فكري قديش أنا بحبك..وبموت عليكي ..بلا ..لا تفكري فيني ..
فكري بعبدالله..وقاسم ..كيف بدك يتفرجوا عني..(ثم أكمل بحزن):فكري بأيامنا الحلوة ..بزواجنا ..بسفرنا ..حاولي تفتكريلي لحظة حلوة
تستاهل انك تضحي عشانها ..وتتحملي معي ..

مسح دموعه..وارتسمت علي وجهه ابتسامة حزين..وقال:وأنا متأكد انك ما راح تتركيني ..وبتعودي ..

مضت ليلتان ..وأتت الثالثة..أحضرت حقائبها ..
ارتدت عباءتها ..أخذت تودع ارجاء الغرفة ..بعينيها ..
مسحت علي سريرها بحنان ..سقطت دمعتها ..عندما تذكرت أولى ايامها ..بتلك الغرفة ..دلالها .داخل تلك الغرفة..
حزنها علي فراق والدتها..ودموع الاشتياق الي أهلها..ضحكتها.. وفرحتها.. بطفليها....

انتبهت علي صوت الخادمة تناديها..(السيارة جهزت)..ألقت النظرة الأخيرة علي غرفتها ..وأغلقت الأنوار.ومضت ..
أتي ياسر .ليوصلها ..أشارت إليه بالتوقف ..وقالت في حزن:لا يا ياسر ..أنا مش عاوزة أنهار أكتر من كده ..عشان أقدر آخد بالي من الولاد..
خليك هنا ..
استجاب لطلبها..وتوقف ..
أخذت ترمق المنزل بعينيها ..هنا كانت ..تلك الاميرة المدللة ....هنا كان يركض إليها ياسر .عند عودته ..هنا كان ملهى طفليها ..
هنا وهنا وهنا..هنا كانت تلك ..الملكة المتوجة..الحرة ..التي أبت أن تكون جارية ..فرحلت ..

ركبت السيارة..واتجهت نحو المطار ..
ركض ياسر إلى غرفتها ..استلقى علي سريرها ..وبكى ..لأول مرة بعمره..يبكي ..ولما لا..فقد رحلت ..أميرته..هرته الصغيرة..
أمه ..أخته..حبيبته ..زوجته..كل شيء ..رحلت ..لتترك له..اللا شيء..

تحسست يداه ورقة ..على سريره ..فتحها ..وشرع في قراءتها ..
"حبيبي ..وزوجي الغالي ..لا اعلم ما هو حالك الآن..وانت تقرأ هذه الرسالة ..أتبكي..فراقي؟..أم تضحك ..لاقتراب زفافك..؟
أيا كان هو حالك..ستبقي بقلبي ..حببيبي ..وزوجي الغالي..يعلم الله ..أنني احببتك بصدق ..وأخلصت لك ..وعشت معك .. اجمل ايام عمري.. لكنها الحياة ..تأبى أن تديم علي السعادة ..وأنا اعلم ذلك جيدا..وطالمت استسلمت لها ..ومازلت...
أتمنى أن تجد السعادة..مع زوجتك..وأهلك..لكني أرجوك..أتوسل إليك ..أن تذكرني بالخير ..وأكون كاذبة إن قلت لك ..انني ساذكرك..
لانك ستبقي داخلي ..ما حييت ..فلن أنساك لاذكرك..
أسألك شيئا..وأرجو ألا تردني خائبة ..فأنت لم تردني خائبة قط..
إلا مرة واحدة ..مرة ..تسببت في ضياعي ..ولكن إن فعلتها ثانية يا حبيبي.. ستؤدي إلى موتي ..
ارجوك..لا تناديها أميرتي..هرتي الصغيرة ..اترك لي ..شيئا واحدا ..أتوسل إليك ..أن تترك لي مايبقيني بهذه الدنيا..تلك الذكريات الجميلة..
التى تحيا بداخلي ..
استمتع بحياتك ..دلل زوجتك ..لا تظلمها ..لا تعلق قلبك بي ...لأن من أحببت قد ماتت ..ولم يتبق سوى جسد..بلا روح ..
أما عني.فيكفيني هديتك العظيمة الي..طفلينا الصغار ..أتعلم عندما ارحل عن هذه الدنيا ..ساطلب من الله ..ان يزوجني إياك بالجنة ..
ولكن أرجو ..ألا تشاركني بك الحور العين ..فتتركني وتمضي ..ثانية .."

بكت الآن ..عندما تذكرت تلك الرسالة..كانت دموعها تبللها..أخذت تتساءل..أين هي؟ ..من أين أتت؟..وإلي أين تتجه ..؟
ما هذه الدنيا ..بالأمس كانت ..تلك الطفلة المشرقة.عائدة من تلك البلدة.تنظر للدنيا بتفاؤل ومرح..والآن هي عائدة..من نفس البلدة..
تحمل أطفالا صغارا..(نظرت إليهم بدهشة)..من أين جاءوا ؟..وكيف مضت تلك الأيام؟..وإلى أين هي ذاهبة بهم؟! ..طفلة ..تحمل أطفالا..
أي دنيا ..هذه؟..وأي رجال هؤلاء؟..هذا الذي تركها من أجل شهوته ..ونسائه!..والآخر الذى تخلي عنها ..لأجل أهله ..وقبيلته ..! وتقاليد هدامة ..خاطئة ..بدعها بالأمس الأجداد..ليهدموا لذة الحياة ..
..بل أي فشل هذا الذي يلاحقها..بالأمس فرقها عن حبيبها ..وأبي الآن إلا..أن يفرقها عن زوجها ..
بل أي امرأة هي ..تلك التي ..لم تكترث لأمر بهذه الدنيا..سوى البحث عن نصفها الاخر ..
أين مستقبلها؟ ..أين هواياتها..طموحاتها ؟..أين هي؟ ..لماذا ضحت بكل ذلك..لأجل أي شيء؟؟!! ..لأجل أن تكون ..زوجة .!!.لكن مهلا ..
فقد فقدت هذا الشئ أيضا ..هي لا شيء ..صوت يصرخ بداخلها..أنت لا شئ ..
أترى حقا أخطأت..عندما ..آمنت يوما..أن المرأة لايمكنها أن تحيا دون نصفها الآخر ؟!..أترى أخطأت ..عندما جعلت غايتها ..
أن تحيا لأجل رجل ..أأخطأت عندما أسست البنيان علي عامود واحد..هو الزوج..وأهملت باقي الأعمدة..فعندما فقد العامود..انهار البنيان ..
أي حمقاء هي..نعم حمقاء..لم تتعلم من التجربة السابقة ..عندما انهار البنيان..فأبت إلا أن تعيد بناءه علي ذلك العامود نفسه ..لما لم تتعلم..
من خطأها..السابق!!
في الماضي ..استعادت قلبها ..ونفسها..وبدأت من جديد..تحملت وزرها وحدها..لكن هذه المرة ..يتحمله معها..طفلان صغيران ..
أصغرهما ..لا يقوى علي الوقوف علي قدميه ..وحده ..كيف ستحيا وحدها معهما..كيف ستنشيء وتربي..لما حملتهما وحملت نفسها ..ما لا تقوى..
بل لما ..عبثت بقفل الصندوق ..ذلك الصندوق..الذي يحمل الشهد والمر معا ..وهي وإن تذوقت الشهد..بتذكرها أجمل أيامها.. فإن المر يظل آخر طعم بالفاه!! ..
اخذت تنهر نفسها ..في شدة ..آآه..ليتها لم تعبث ..ليتها لم تحب ..ليتها لم تتزوج ..وتحمل أطفالها تلك العواقب..بل ليتها لم تولد..وتحيا بهذه الدنيا ..
ليت حبيبها لم يتوجها ملكة..ليته سخرها جارية ..كما فعل حبيبها السابق ..فالجارية ..ملكة ..عندما تنال حريتها..
والملكة..جارية عندما ..تنال حريتها ...

انتبهت علي صوت ..الطيار(علي كل الركاب ..ربط الاحزمة..استعدادا للهبوط..)..
ضمت طفليها بين ذراعيها بقوة ..وأغمضت عيناها..خوفا من الهبوط.. ..


(تمت)




فكرت كثيرا وكثيرا..ولم اجد ..أحق منها ..بهذا الإهداء ..
اعتذارا مني ..عن كل دمعة سقطت من عينيها بسببي..
..
إلى تلك التي حملتها ..أكثر مما تقوى..
إلي تلك التي ..آلمتها كثيرا ..
إلى تلك الطفلة الصغيرة التي تقطن داخلي..
نور ..

الخميس، 1 مارس 2012

وعبثت بقفل الصندوق جزء 6

مضى الاسبوع الاول علي زفافهما ..كان يدللها ..يفعل كل ما بوسعه لإرضائها .
.لكنها كانت تشعر بالغربة ..رغم أنها لم تغادر بلدتها بعد ..
لاتدري لماذا يراودها هذا الشعور ..ألأنها ذهبت مع رجل غريب عنها ..لم تعرفه بعد ..أم لأنها لازال يسكنها بقايا أشلاء عشقها القديم ..
لا ليست الاجابة الثانية ..معاذ الله ..أن تفكر برجل آخر ..وهي بين احضان زوجها !!..

تذكر ذلك اليوم جيدا ..عندما ذهبا الي شاطيء البحر الأحمر ليلا ..كان الشاطيء يخلو من الناس ..
لمحها ..وهي ترمق البحر بعينيها ..كأنها تشتاقه كثيرا ..
دنا منها ..وسألها بدهشة .. ..
- نور في شي ..
استدارت بوجهها تجاهه ..
نظرت في عينيه كثيرا ..ثم اجابته ..
- عارف ..طول عمري بشوف الناس اللي بيحبوا بعض ..وهما بيقعدوا علي رمل البحر ..
ويقعدوا يتكلموا..
(ابتسمت )ثم أكملت ..في حزن ..
- كان نفسي اعرف الناس دي بتقول لبعض إيه؟ ..
(تبسم ضاحكا)ثم قال:وليش نفسك ..أنا باخدك وبخبرك ايش كانوا بيجولوا ..
اصطحبها إلي الرمال ..جلسا معا ..
أسندت برأسها علي ساعده ..
كانت تنظر إلي عينيه ..وتختلس النظرات الي البحر ..
أخذ يضمها بين ذراعيه ..لكنها لأول مرة تلمح بعينيه ..نظرات حزينة ..لم تعهدها من قبل ..
أطال النظر بعينيها ..ثم سألها بنبرة حزينة ..
- نور انتي من جد بتحبيني ..؟
تفاجئت بالسؤال ..ثم أجابته في دهشة ..
- ليه بتسأل السؤال ده ..؟
اجابها في حزن:لأني دايما بحس إن عيونك شاردة ..مامعي أبدا ..دايما بحسك ..بتبعدي عني ..
حتي واحنا مع بعض ..بحس إنك بعيدة..بعيدة مرة يا نور ..كأنك بتخافي تقربيلي ..كأنك بتخافي تحبيني ..ليه ما بعرف ..

توقف عن الكلام للحظات ..ابتعدت عن حضنه قليلا ..استدارت تجاه البحر ..وأجابته في حزن ..
- بخاف ..بخاف كل اللي انا فيه ده يروح ..خايفة انك تسيبني ..في يوم من الأيام ..هي الحياة كده ..مش بتدوم لحد ..

أمسك برأسها بين كفيه ..نظر في عينيها بغضب ثم قال:وليش تخافي! ..ليه كل حاجة بحياتك تخشيها ..؟!
انا ما راح اترك روحي ..وانتي روحي يا نور ..
كفكف دموعها ..ثم احتضنها بشدة ..وضمته بين ذراعيها بشدة ..كطفلة تخشي أن يتركها ..
مصدر أمنها وسعادتها ..

مضي يومان آخران ..ثم استعدا للرحيل  ..
ذهبا إلي المطار..اوقفته عندما لم يتجه الى صالة المغادرين إلي بلاده..
- انت رايح فين ..ده للمغادرين لاوروبا ..!
تبسم ضاحكا .ثم قال لها:يا بنت مش انا وعدتك ..اني بفطرك بباريس ..الساعة داحين 11 مساء ..باظن بنلحق الفطور ..
دنت منه برفق..وهمست له ..
- لو ينفع احضنك قدام الناس .كنت حضنتك ..بحبك أوي ..


صعدا إلي الطائرة ..ربطا الأحزمة ..ثم قبض بكفه علي كفها ..كان يبث الأمان داخلها ..
دمعت عيناها الآن ..وضمت أصابعها الي كفها في حسرة ..عندما تذكرت تلك اللحظة ..

وصلا إلي باريس ..تلك العاصمة ..التي طالما رأتها بأحلام اليقظة ..لم يخطر ببالها ..أنها ستزورها يوما ..
اسبتدلا ملابسهما داخل الفندق ..ثم غادرا لتناول الفطور ..ثم ذهبا إلي برج إيفل ..
تتذكر عندما أصابها الذعر عندما اصطحبها الي برج إيفل..
- لا انا مش هطلع..
- ليه يا بنتي ..ايش اللي بيه يعني ..!!
- لا ..اخاف مليش دعوة ..
- ها .ايش جُلنا عالخوف هادا ..
- لا ..كله الا ده ..انت مش شايف طول ايه ..؟
تبسم ضاحكا ..ثم اجتذبها في شدة وقال:يلا يا نور ..راح تطلعي يعني راح تطلعي ..
تذكر جيدا عندما دنا منها ..داخل المصعد ..وهمس لها ..:اغمضي عيونك ولا تفتحيهم غير لما اخبرك ..
- (باستنكار):ياسلام كمان همشي وأنا مغمضة عيوني ..
- (باصرار):قلت غمضي عيونك يعني غمضي عيونك ..انا زوجك واسمعي الكلام ..
أغمضت عينيها ..ثم اصطحبها الى شرفة البرج ..
احتضنها من الخلف بشدة ..ثم همس لها ..
- فتحي عيونك ..
نظرت .فوجدت نفسها ..أعلي هذا البرج الشاهق ..ترى الناس صغارا صغارا...جدا .. تملكها الخوف ..وسيطرت عليها الرهبة ..
- لا تخافي ..لاتخافي ..أنا ماسكك ..وانتي بحضني ..وما راح اتركك ابدا..افهمي هالشي منيح ..مو هون بس ..بعمري كله ..
ما باقدر اعيش دونك ..

نبض قلبها بشدة الآن ..عندما تذكرت تلك اللحظات ..آه ثم آه ..علي بداية الحب ..آه وآه.. لو كان الحب كله فقط ..بدايات ..

عادا الي الفندق ..بعد يوم مليئ بالفرحة والابتسامات ..ارتدت أكثر الاثواب فتنة ..وجمالا ..
دنت منه برفق ..وهمست له ..باحتياج ..:هو انت هتنام ..؟
اخذ يرمقها بعينيه ..ثم هز برأسه نافيا ..اقتربت منه ..نظرت بعينيه ..وقالت له في خجل ..:ينفع اطلب منك طلب ..
- اكيد حبيبتي ..
- (باستحياء):ينفع كل يوم انام في حضنك ..ينفع ..
اجتذبها نحوه ..وضمها بين ذراعيه ..وغفت ..
لا تذكر إلا أياماً معدودة ..تلك التي لم تغف بها ..بين أحضانه ..

غادرا الي بلاده..
وصلا إلي المنزل..
دق ياسر الباب الرئيسي..قامت الخادمة بفتح الباب ..سمراء اللون ..تبدو حبشية الأصل ..
دخلا المنزل ..كان مكونا من عدة ..طوابق ..بأدراج داخلية ..أخذت ترمقه بعينيها ..كان فارها بحق ..
وجدت نساء كثيرات في استقبالهما ...لا تعرف واحدة منهن..سوى والدته ..وجدت البعض مرحبا ..والبعض متوجسا منها خيفة ..والبعض الآخر مفتعلا
الحب ..لكن العين لا توحي بذلك ..
أتين وقبلنها ..
صعدت هي وزوجها إلي الجناح المخصص لهما ..بالطابق الثالث ..
خطت بقدمها اليمنى داخل ..عشها الزوجي ..
- (بانبهار):ايه ده ..ده زي الكتالوج بالظبط ..
-إي حبيبتي ..مش انتي اللي اخترتيها ..سويتلك اللي بدك اياه ..
أخذت تساعده في استبدال ملابسه ..ووضعت عنها عباءتها ..
- علي فكرة مرات اخوك السورية دي مش طايقاني ..
- الله احنا هنبتدي شغل المصاروة ..
- (بغضب):ياسلام ومالهم بقي المصريين ..
تبسم ضاحكا ثم قال:ع راسي المصاروة ..ياعمري ..
- (محاولة افتعال الضيق):آه ما هو واضح ..
اقترب منها ..وضمها بين ذراعيه .وقال لها بحنان:باموت فيكي يا عمري ..
- (بحزن):انا خايفة يا ياسر ..حاسة اني هبقي هنا لوحدي ..
- علي اساس اني مت ..
- بعد الشر عنك..بس انا معرفش حد هنا ..
- لا تجلجي يا نور ..شوي وبتتعودي..وبيصير ليكي رفقات بالبيت ..لاتخافي ..
يلا سكري النور ..أبغي انام..تعبان مرة ..
أغلقت الأنوار ..أخذت تتقلب يمينا ويسارا..كأن النوم قد فر منها ..أخذت تفكر وتفكر ..أي حياة هذه التي سوف تحياها ..
قطع تفكيرها صوت ياسر:تعالي يا حبيبتي .بحضني ..ونامي ..نااااااامي شوي ..وبطلي جلج بجي ..

حل الظلام ..وبدأت الليلة الاولي لها ..بهذا المنزل ..استيقظت علي ضجيج ياسر ..أثناء ارتداء ملابسه ..
لاول مرة تراه بالجلباب السعودي ..
أخذت ترمقه بعينيها ..
- (بصوت يغلبه النعاس):انت رايح فين ..
- خارج شوي..عندي مشوار مع ابوي ..
انتفضت في ذعر:ايه! ..انت هتخرج وتسبني هنا ..؟!
- ايش هو اللي سايبني هون..هو انا تاركك ببيت الاشباح ..اكبري شوي يا نور ..
مضى إلى خارج الغرفة ..ثم عاد ثانيةً..
- نور .امسكي الهاتف هادا ..حجك ..بيدج علي دولي..لو بدك تحكي حدا ...

اخذت تتأمل أرجاء الغرفة ..أين هي ؟ ..تشعر بالوحدة ..لا تعرف أحدا هنا ..أين امها ..واخواتها ..ورفيقاتها ..؟
اخذت تفكر وتفكر ..إلي أن قطع تأملها ..صوت ..دقات على باب الغرفة ..ذهبت بخطوات ..بطيئة ..خائفة ..مترقبة ..
وجدت الخادمة ..
الخادمة:ماما بتجولك هي منتظراكي ..تحت ..لو تبغي تجلسي معهن ..
نور: ماما مين ..
وجدت امرأة ..قادمة خلف الخادمة..
المرأة:ازيك يا جميل ..معلش مشوفتكيش ..كنت خارجة ..
نور :ايه ده انتي مصرية ..؟
المرأة:أيوة ..أنا مرات فهد..أخو ياسر الكبير ..
تبسمت ..شعرت كأنها وجدت ..ما يسكن القلق بداخلها قليلا ..
المرأة :انا اسمي عزة ..يانور ..
نور :انتي تعرفي اسمي ..؟
عزة:أكيد ..ياسر كان بيدوش دماغ والدته بيكي ..وهي كانت بتحكيلنا ..
(تبسمت في خجل)..
عزة:صحيح.. كلهم مستنينك تحت ..
نور :ماشي هلبس العباية والطرحة ..وهنزل ..
عزة:لالا ..انتي تلبسي ..حاجة كده ..من اللي عندك ..والعباية فوقها كده ..وبننزل تحت نقلعها ..
نور (بدهشة):ماشي ..
عزة:تعالي انقيلك حاجة ..وريني لبسك كده ..؟
لاحظت الجرأة بهذة المرأة ..لكنها لم تكترث ..ففرحتها بوجود مصرية ..مماثلة لها ..جعتلها لا تكترث بشيء ..
جلست إلي والدة ياسر ..وأخواته البنات ..وزوجات اخوته ..
وجدتهن بجنسيات مختلفة ..أكثرهن طيبة سعوديات الجنسية ..وأكثرهن جمالا ..زوجة أخيه السورية ..لكنها لم تطمئن لها ..بينما كانت أكثرهن ودا .. المصرية ..

صعدت إلي غرفتها ..عند قدوم ياسر ..
افتعلت الحزن ..ومضت الي سريرها ..لتغفو..
اقترب منها ..وقبلها بجبينها ..
- خلاص يا نور ..ايش اللي جرى لما تركتك يعني ..! ..لازم تتعودي ..وتعرفي طباعهم ..وتتأقلمي معهم ..
ثم همس لها بحنان:اشتجتلك ..
- (بدلال..):آه ..ما هو واضح..عشان كده خرجت .
- (بغضب):يووووه يانور ..اكبري شوي بقي ..ايه دخل الخروج بحبي ليكي ..
انا هبتدي الشغل ..مش هجلس جنبك يعني ..
استدار بوجهه ليغفو ..
شعرت بالحرج ..لأنها اغضبته ..اقتربت منه ..برفق ..وهمست له..:عملت ايه في الشغل ..؟
- بتفهمي فيه يعني..عشان اخبرك ايش سويت ..
- (بغضب):لية جاهلة يعني ..
اجابها ممازحا ..:معاذ الله ..
- شكرا يا استاذ ياسر ..
تبسم ضاحكا ..ضمها بين ذراعيه ..ثم همس لها:انتي ايش سويتي اليوم ..بدوني ..
- وحشتني اوي ..
- وايه كمان ..
- مفيش ..نزلت تحت ..وقعدت معاهم ..آه واتعرفت علي عزة صحيح ..طيبة اوي..
- لا يانور ..مانصحك..تاخديها رفيجة إلك ..فهماني ..
- ليه يعني ..ولا هي عشان مصرية ..
- (بغضب):نور خبرتك ..لا تاخديهارفيجة ..فهمتيني ..مسوية مشاكل بالبيت كتير ..
- خلاص خلاص ..احنا هنتخانق عشانها ..
- ولا نتخانق ولا شي ..بس عشان مصلحتك ..
- ماشي يا حبيبي..اللي تؤمر بيه ..


مضت الايام تلو الايام .
.تبسمت الآن عندما نظرت الي عبدالله ..طفلها الأكبر ..
تذكرت ..يوم أخبرت والده بحملها ..
تذكر شجارها معه قبل معرفة نوع الجنين بيوم واحد..عندما أخبرتها عزة أن ياسر ..سيتزوج عليها ان لم تنجب له ذكرا ..
تذكر عندما دخل الغرفة ..ووجدها تبكي ..وحاولت كفكفة دموعها سريعا ..عندما أتي ..
- مالك يا حبيبتي ..بتبكي ليش ..؟!
- (بصوت خافت):مفيش ..
- لا في ..ايه هتخبي علي حبيبك ..!
- (بصوت ..يتخلله صوت نحيبها):انت ممكن تجوز عليا ..لو مجبتش ولد ..صح ..؟
تبسم ضاحكا ثم اجابها:بتبكي علي هيك...والله انتي طفلة ..يا مجنونة ..بتظني اني اتزوج عليكي لو ما جبتي ولد .. هادا بامر ربنا سبحانه وتعالي ..
- ايوه بس هنا عندكم كده ..وأخوك بندر اتجوز علي مراته لما جابتهم بنات ..
صح ولا أنا غلطانة؟ ..وانت هتعمل كده.. انا عارفة ..
- وانتي ايش اللي خلا هالفكرة ..تسيطر عليكي ..مرة واحدة هيك ..
- مفيش ..عزة هي اللي نبهت..
(ثم توقفت عن التحدث..عندما ادركت أنها نسيت..وذكرت عزة أمامه ..)
- (بغضب):برضه عزة! ..برضه بتجلسي معها! ..وبرضه بتسمعي كلامها !..وبرضه بتحشر بدماغك الأفكار السودة!

اجتذب يدها بشدة ..ونظر بعينيها بحدة ..ثم قال:نور اسمعيني.. انا ماراح خلي حدا يدخل بحياتنا فهمتي علي؟.. ولا راح اسمحلك ..انك تدخليها بحياتنا ..فهمتي علي؟ ..
ثم تركها ومضي إلى خارج الغرفة ..
وقضت اولى لياليها دونه..
.دقت هاتفه صباحا ..
- (بدلال):شكرا اوي انك سايبني وانا حامل وتعبانة ..ونايم بعيد عني ..
- نور ايش تبغي ..
- مش هتيجي معايا للدكتور ..
- لا..ابقي خلي عزة تروح معاكي..
- (محاولة استثارة غضبه):دي تتمني ..اطلب منها طلب ..
- نور ..لاتعصبيني عليكي ..
- (بدلال):خلاص تعالى يلا خدني للدكتور..

أتي ليصطحبها الي الطبيب..ركبت السيارة..لم يحدثها طوال الطريق..أخذت تختلس النظرات إليه
- إنت مش هتنطق حاجة ..
- لا ..
أمسكت بيده في دلال..
- وحشتني ..
- اتركيني لو سمحتي ..
- في ايه يا ياسر لكل ده؟! ..
- والله! ..ما بتعرفي ايش فيه! ..انا عمري ما بامرك بشي..واما اَمرك..ما تنفذي! .. وانا بسويلك كل شي تبغيه ..
- كل ده عشان كلمت عزة!..خلاص حقك عليا ..متبقاش كشري كده ..
وأكملت حديثها بدلال..:وبعدين كده اتصل بيك امبارح مليون مرة متردش..! مكونتش فاكراك قاسي كده ؟؟!
- يلا يا نور ..لاتدللي...فوتي يلا ع الطبيبة ..انا ناطرك ...
توقفت السيارة..وذهبت إلى الطبيبة ..أخبرتها الطبيبة..أن الجنين ذكر ..شعرت كأن الدنيا لا تتسع لفرحتها ..
ذهبت إلي السيارة .وجدته يحاول ان يخفي ..لهفته ..وترقبه ..إلي ما ستخبره به ..
أطالت النظر إلي عينيه ..ثم همست له .(بفرح).:ولد ..هجيب ولد ..
ارتسمت علي وجهه ابتسامة مملوءة بالسعادة والفرحة ..

تذكر عندما عادا الي المنزل ..وضمها بين ذراعيه ..تذكر عندما قبلته ..وهمست له:فرحان يا ياسر ..
- اكيد يا حبيبتي ..فرحان عشان هيجيلي ولد منك..بس مو معناه اني كنت هتركك لو كانت بنت ..خليكي واثقة فيني شوي ..
همست له:بحبك اوي ..

مضت عدة أيام ..اضطر ياسر الي السفر لدبي ..لإنهاء بعض اعماله ..
تذكر شجارها معه ..قبل سفره ..
- انت هتسافر وتسبني ..وانا كده ..؟!
- يانور عادي يعني ..وبعدين لازم اروح أخلص اللي ورايا هناك ..
- خلاص ما تاخدني معاك يعني ..
- مينفعش ..قلتلك ..أنا رايح أنا والشباب بس ..انتي مينفعش تيجي معنا ..
- (بغضب):يوووه بقي ..انت كل حاجة لأ ..
استدارت ..ومضت لتغفو ..
اقترب منها ..مسح علي شعرها برفق ..وهمس لها: بعوضهالك ..لاتجلجي ..بس ارجع ..ونسافر ..أي مكان تبغيه ..
تقلبت علي جانبها الايسر ..وقالت له بدلال ..:مش عاوزة منك حاجة ..
- بس انا عاوز ..
- عايز ايه ..يلا يا حبيبي مع السلامة ..عشان تبقي تسافر كويس ..وتسيبني ..
اقترب منها ..وهمس لها :خلي عزة تملى دماغك كمان وكمان ..
واستدار ..وغفا ..

عاد ياسر بعد اسبوع ..تذكر عندما أخذت تبدل باثوابها..الواحد تلو الاخر ..تذكر عندما دخل الغرفة ..ووجدها ..
تتذمر وتنظر الي المراة بغضب ..
احتضنها من الخلف ..
- ايش القمر هادا ..
- (بحزن):قمر ايه! ..بص بطني كبرت ازاي ..
- (ضاحكا):يانور ما انتي حامل ..مش هتكبر يعني ..!!
- طبعا بصيت لستين واحدة هناك ..
تبسم ضاحكا ثم قال :ياحبيبتي والله ..ما كان معايا وقت ..ابص ورايا ..
وبعدين الدجيجتين اللي كنت بفضى فيهم ..كنت بكلمك فيهم .. وارد علي رسايلك ..
- (بدلال):يعني مبصتش لحد خالص خالص ..
- والله يا نور ما بشوف حد غيرك ..حد يبقي القمر معاه ويبص لحد تاني
- آه ..القمر وبطنها قدامها ..
همس لها بحنان:البطن دي جواها ..أحلي ابن بالدنيا ..
- (بحزن):انت بجد يا ياسر مش بتشوف حد غيري ..؟
- والله يا نور ما بشوف حدا غيرك..صدجيني لو جلتلك ..بحس ان في حاجة ناجصة فيهم .. ولا تساليني ايش هي ..لاني ما بعرف ..بحس الحاجة دي بظن ..هي انهم مش نور ..
ضمته بين ذراعيها ..
- ها حضرتي الشنط..؟
- (بدهشة):شنط ايه..؟
- ما جلتلك قبل ما اسافر ..راح اعوضهالك؟ ..يلا راح نروح أبها ..
أحضرت حقائبها ..ووضعت ما تحتاجه من ملابس ..ارتدت عباءتها ..
أمسك يدها بحنان ..وضع يده الأخري داخل جيبه ..واخرج خاتما مرصع بالماس..ألبسها اياه ..
- (بانبهار): ايه ده يا ياسر ..؟
نظر بعينيها ..وأجابها بحنان ..:هدية صغيرة ..إلك ...
- بس ده شكله غالي اوي ..
- ما في شي بيغلى عليكي ..
ضمته بين ذراعيها بشدة ..وهمست له ..:أنا بحبك أوي...ربنا يقدرني ..واقدر اسعدك يا حبيبي ..
تبسم..ثم قال لها:طيب يلا يا حبيبتي ..عشان ننزل ..أنا جهزت السيارة..
اقتربت منه ..وهمست له ..
- (بدلال):هو انت عاوز تسافر دلوقتي ..لازم يعني ..
هز براسه نافيا ..

ثم سكتت شهر زاد عن الكلام المباح ..

ومضت الايام..

.تذكر اعتناءه بها ..
وحنانه عليها ..وتحمله غضبها كثيرا وكثيرا ..في تلك الفترة ..الأكثر ألما وصعوبة على المرأة ..
تذكر دلاله لها ..والركض الي غرفتها فور وصوله إلى المنزل ..تذكر عندما كان لا يناديها الا أميرتي ..أو هرتي ..مما كان يثير  غضب وغيرة ..زوجة أخيه السورية ..ليست السورية فقط بل باقي نساء المنزل..كانوا يغبطونها ..علي حبه لها ..
علي دلاله لها ..لم تكن واحدة منهن ..تعامل ..مثل ما كان يعاملها ياسر ..

تذكر عندما افاقت من الوضع ..فوجدت ياسر بجانبها ..يقبلها علي جبينها بحنان ..
تذكر مشاجرتهما علي اسم الطفل ..
وصدمتها عندما اخبرها ..برغبته في اطلاق عليه عبدالله ..ليطابق جده بالاسم ..
تذكر عندما اعترضت بشدة ..ولم تخبره أن هذا الاسم ..يمثل لها ذكري أمنية تمنتها يوما ..وبغضتها كل يوم ..
تذكر عندما استجابت لتوسلاته لها ..لأن يطلقا عليه هذا الاسم
تذكر عندما عادت الي مصر ..لترى والدتها ..كانت أولى زياراتها لمصر ..
تذكر فرحة العائلة بطفلها الصغير ..ودهشتهم منها ..فقد اصبحت تطابق نساء تلك البلدة بعاداتهن ّ..وتقاليدهن ..وزيهن ..
حتي أنها صار لديها خادمة خاصة بها ..وبأولادها
تذكر عندما قصت عليها صديقتها ..اخبار حبيبها السابق ..وقصة زواجه بامرأة سيئة الخلق والسمعة ..وتألمت كثيرا ..عندما علمت بحاله ..وندمت.. وندمت لأنها يوما ما..أرادت أن تكون ..زوجة لرجل مثل هذا ..حقا "من شب على شيء شاب عليه "...و"رفقائك الذين اخترتهم لتلهو معهم..هم ايضا رفقاء
جدك ..وحياتك .."

عادت إلي المملكة مرة أخرى ..ومضى عام علي إنجابها الطفل الأول ..ألح ياسر عليها ..أن تنجب له طفلا اخر ..
كانت ترفض بشدة ..لأنها يتبقي لها عام دراسي كامل ..وسترهق كثيرا ..لكنها استجابت له ..بعد ان عاهدها بأن يعاونها علي استذكار دروسها ..
لم يمض العام الثالث ..الا وقد وضعت طفلها الثاني ..واطلقت عليه القاسم ..اسوة برسول الله (عليه افضل الصلاة والسلام) في اسم ابنه..
تذكر عندما فاجأها ..عندما احضر لها والدتها ..بعد وضعها طفلها الثاني ..
تذكر كيف كان يعامل أهلها ..كيف اطمأنت والدتها ..إليه ..عندما رأت معاملته الطيبة لها ..ودلاله وحنانه عليها .. وكيف كان يتوجها ملكة ..لا يناديها الا اميرتي ..فاستكان قلب ..والدتها وهدأ....

مضي العام الرابع ..كانت قد تعلقت بياسر تعلقا شديدا ..وإن لم تكن أحبته لذاته ..بالماضي ..فقد عشقته اليوم ..وولهت به هي الاخرى ..
كان يومها مقسما بينه ..وبين أبنائها ..كان اباً حنونا علي أبنائه..لكن ليس بمقدار الحنان الذي يعطيه لها ..
وإن كان أنجب طفلين..فهو يشعر بأن لديه ابنة ثالثة ..يدللها ..وتغفو بين أحضانه كل يوم ..
كان لها ..الأب الحنون..والأخ الغيور..والزوج العاشق ..كان وكان وكان..كان رجلا بحق ..

إلي أن أتت الرياح ..بما لاتشتهي السفن...

الاثنين، 27 فبراير 2012

وعبثت بقفل الصندوق جزء 5

مضي ما يقرب من عام ..علي الفراق ..
لم تتذوق خلال هذا العام طعما للامان ..والطمأنينة ..كانت قد انعدمت الثقة داخلها ..بالناس..
لم يُر بعينيها ..الا تلك النظرة ..الشاردة ..نظرة لا تعرف للطمأنينة والاستقرار مكانا ..
كانت ترمق الناس بنظرات بغض وشك ..فهي لا تظن بهم إلا السوء ..كانت ترى الدنيا غابة من الوحوش ..
كلُ يخدع الآخر من أجل المصلحة الشخصية..حتي لو كان دمار القلوب..هو ثمن ذلك الخداع ..
كانت تسخر من كل شخص ..حاول التعبير لها عن حبه ..حتى وان استشعرت الصدق في البعض..ولكنها قدآثرت العزلة ..
العزلة القلبية ..عن الحب ..
كانت مثل الآلة ..تذهب في الصباح إلي الكلية ..تستذكر في المساء ..وتذهب للنوم باكرا ..وحتى لا اكون كاذبة
كانت لا تذهب للنوم ..بل إلى عالمها الآخر ..عالم مليء بالاختلافات والتناقضات ..تارة تحزن علي ما مر بها ..وتارة اخرى ..تبتسم علي ذكريات حبها الجميلة ..
لم تكن ذكريات قد حدثت فعلا ..بل هي امال كانت قد رسمتها يوما علي رمال البحار ..آمال ..وأحلام..أحلام ببيتهم الصغير الذي سيأويهم
..حلم ..ذلك الطفل الذي أطلقت عليه اسمه قبل مجيئه إلي هذه الدنيا ..آمال وأحلام ..لم يكلف نفسه يوما ..أن يشاركها بناءها ..
كانت اقسي أيام تلك التي مرت بها ..فهي قد اختارت الفراق بارادتها ..تعلم أنه القرار الاصعب ..ولكن هو القرار الاصوب ..

لعل من أصعب المواقف التي مرت بها ..عندما استيقظت فوجدت يديها علي اذنيها ..كان قد شاركها حلمها تلك الليلة.
.بكت بشدة
عندما وجدت حتي حواسها تشتاق إليه ..

كان العام الجامعي الاول قد مضي ..مضي ليضع قدميها ..علي الدرب الاصعب في حياتها ..

كانت قد ذهبت للجامعة الامريكية ..لتلقي دروس ..في
icdl

خطت الخطوة الاولي..لقدرها ..بقدميها ..

التقته ..بدرس بنفس الدورة ..
كان شابا من ذلك البلد البعيد الذي عاشت فيه .. انهي دراسة الهندسة بالجامعة الامريكية ..وكانت هذه الدورة هي كل ما تبقي له..لينهي حياته في مصر ..ويعود الى وطنه ..
كان حنطي اللون ..يميل الي السمرة ..ذا شعر كثيف ..مصفف ..صاحب عينين سوداوين ..عربية النظرة ..رياضي البنيان ..يميل الي الطول ..

تتذكر اول مرة أتي ليحادثها ..كانت تلملم أوراقها ..استعداداً للعودة إلى المنزل
-انتي فهمتي اللي جالوا ..الدكتور ..؟
-(دون اكتراث):يعني ..بس مش اوي ..
-لو تبغي شي انا ممكن اساعدك ..
-ميرسي ..لو احتجت شيء هقولك ..
وهمت بالمغادرة ..
جذب يدها في رفق ..
-نور..
نظرت اليه ..بحدة ..فترك يدها ..
-(باستحياء):اسف ما بجصد ..
- (بحدة) خلاص مافيش حاجة ..
- (بتوسل) انتي هتمشي داحين ..
-ايوه هو في حاجة ..
-لا مفيش ..بس ..مش تعرفي اسمي عشان لو بغيتي شي ..
طأطأت رأسها خجلا..
-(بابتسامة صغيرة):انا اسمي ياسر ..ياسر المليفي ..
-ماشي يا ياسر ..
-معلش قبل ما تمشي..هو انتي ايش بتدرسي؟ ..
-انا في هندسة ..بس بالقاهرة ..
-ماشي .انشالله موفقة ..
تركته ..ومضت في طريقها ..تتذكر عندما استدارت ..للخلف لتراه ..ووجدته ينظر إليها ..
لا تعلم لماذا تذكرت حبيبها الاول ..تذكرت عندما استدارت ..ووجدته قد مضي ..
لا تعلم لما جال بخاطرها..أن شيئا ما ..سيكون يوما ..بينها وبين ذلك الشاب العربي ..

كان يحاول التقرب إليها بين الحين والاخر ..كانت تستشعر في عينيه الطمأنينة والدفء ..والحنين ..الحنين الي ذلك الوطن الآخر الذي فارقته منذ عام ..كانت تشعر ان اكبر خطأ ارتكبه والداها.. أن عادا بهم الي مصر ..لاتعلم لما لم تكن تستشعر في تلك البلدة وطنها ..ألأنها كانت تمثل لها ..مصدر الصدمات في عمرها ..لاتعلم ..
كانت تري ذلك الوطن..وطن تخلى عن أبنائه ...اطاح بهم الي الظلمات..الي الغربة ..إلي العمل والكفاح بأوطان ليست بأوطانهم..
لكن تلك الاوطان الأخرى هي التي منحتهم المال والطمأنينة والسكون..حتي وإن سرقت منهم أجمل ليالي اعمارهم ..

مضت المدة المخصصة للدورة الدراسية ..كان العام الجامعي الثاني ..قد اتي ..
تذكر ذلك اليوم جيدا ..كان آخر يوم بالدورة الدراسية .. عندما تقدم اليها ياسر ..وطلب منها ان يجلسا ..بكافيتريا الجامعة ..

-نور ..ممكن اجلس معاكي شوي ..ابغي احكيلك شَي ..
-لا مينفعش انا اسفة ..
-(بحزم):لا ينفع ..
ثم اخفض من نبرة صوته ..واكمل بتوسل.
-النهاردة اخر يوم ..وكمان اخر يوم اللي بمصر ..بعد إذنك ..يانور ..

لا تعلم لما استجابت لتوسلاته ..جلسا معا ..وبدأ بالكلام
-نور ..صدجيني بالكلام اللي هاخبرك اياه ..انا عايش بمصر اللي اكتر من 5 اعوام ..
واتعرفت علي بنات كتير ..الطيبين والوحشين ..بس عمر ما فكرت اني ارتبط بحدا فيهم ..أو بالاصح عمري ما فكرت ارتبط ..
بحدا غير بنات بلدي ..
.(واخذ يتمالك اعصابه شيئا فشيئا ..كان يقطنه شعور غريب ..متناقض ..الشعور بالخوف ..والرهبة من البوح ..لها .. وشعور بالراحة ..والطمأنينه ..لانه سيريح قلبه مما يخبيء ..وسيعلم ما بداخلها هي الاخري)
وأكمل في حماس..
-لكن انتي شَي ..تاني ..ما بعرف ليش اتغير كل شيء فيني لما شوفتك ..تصدجيني لو قلتلك اني حسيت شي فيني اتغير من اول يوم
شوفتك بيه ..
حسيت انك مو متل أي واحدة بهالعالم ..حسيت انك بتجمعي ..بين أخلاق وعادات بلادي ..وخفة ومرح المصريين ..
حسيت انك بتجمعي الشيئين اللي بتمناهم ..

(احمرت وجنتاها )..وقالت له بصوت منخفض ..يكاد ألا يسمع ..
-واية اخرة كل ده؟ ..
-(بحماس واصرار):اكيد اخرته شرع ربنا سبحانه وتعالي ..أنا ما ابغي شي منك غير كل خير والله ..
اللي انتي تبغيه أنا اسويهولك..لو تبغيني اجي واتكلم مع ابوكي داحين..اجي ..
سكت برهة ..ثم
(همس لها برفق ..وحنان)
-نور صدجيني ..انا بحبك ..والله بحبك ..وعمري ما حبيت حدا غيرك ..ومستعد اسويلك اي شي تبغيه ..

(مرت امام عينيها صورة حبيبها الاول ..وهو يخبرها بنفس هذه الكلمات ...ويعاهدها بتلك الوعود ايضا )
تجمعت الدموع بعينيها ..وقالت بصوت محتقن ..
-وانا عاوزة امشي ..
-ما خبرتيني ..شو هتسوي ..
اشتعل الغضب بداخلها ..عندما استعادت ذكرياتها الاولى ..احمرت وجنتاها ..
واجابته بحدة ..
-عاوزنا نحب بعض ..زي ما كل الناس بتعمل ..ونكدب علي بعض ..ونخدع بعض ..وتقولي بحبك ..ووحشتيني ..وبعد شوية تخوني ..
(واكملت في نبرة منخفضة)مش هي دي الحياة هنا..ومش هو ده الحب هنا !..

(حاولت استعادة توازنها ..واكملت بهدوء):انا مش هعيش الدنيا دي ..مش هحب طول ما الحب كده ..
هعيش لنفسي انا بس ..
-بس الحياة مش كلها كده ..ولا كل الناس بتخون ..نور ..انا عمري ما طلبت منك شي
بس ممكن اطلب منك شي واحد تنفذيه ..شي واحد بس
-اتفضل ..
-ممكن تصجيني بالوعد اللي هخبرك اياه ..(همس برفق وتوسل):ممكن
نظرت في عينه فوجدت بهما صدقا ..لم تستشعره ولم تره يوما بعيني حبيبها الاول ..اخذت تنظر وتنظر في عينيه ..
ومر بذهنها سؤال ..لماذا لايكون هذا الشخص ..هو هدية الله لها ..للخلاص من هذا الوطن ..والبعد عنه..والعودة الي البلد الذي اعتادته ..والذي تشعر كأنه جزء داخلي لايمكن اي ينزع منها ..
(اجابته بحماس ):وانا هصدقك ..
-وانا بوعدك اني اخليكي ملكة ..اميرة مدللة ..عمري ما هزعلك ولا هعمل شي يضايجك..بس هعيش عشان اسعدك

اخترق صدق العهد ..قلبها ..واستوطنت الفكرة ذهنها ..فكرة ..الخلاص من هذا الوطن ..

مرت ثلاثة اسابيع ..كان قد غادر الى بلده ..علي وعد ..بالعودة بعد شهرين ..لخطبتها ..
كانت تحادثه بين الحين والآخر ..كان لا يخلد الي النوم الا بعد سماع صوتها ..
كان يحادثها كل يوم ..عن ايام ولهه بها ..عندما كان يعشقها ويراقبها في صمت ..كان يحدثها عن جمالها ..
يخبرها أنه وإن عشقها يوما لأجل أخلاقها ..وشخصيتها ..فهو عشقها ..أولا وأخيرا لأجل جمالها ..
كانت لا تسمع منه إلا كل ما تشتهي وتطيب لها نفسها ..كان يشعرها أنها اميرة مدللة..كان لا يخدعها وهو يخبرها بذلك
بل كانت نفسه تؤمن بحق ..أنها ملكة ..لا تشاركها عرشها ..أي امرأة علي وجه الارض

وهي إن نسيت اي حدث مضي بعمرها ..فهي لا يمكنها ان تنسى هذا اليوم ..
كانت الساعة تقترب من الثانية والنصف ..استيقظت من نومها علي اهتزاز هاتفها المحمول ..اجابته بصوت يغلبه النعاس
- هي الساعة كام..؟
- معلش يا كوكو فيقتك من نومك
- لا لا مفيش حاجة..أنا اللي اصلا نايمة بدري ..عشان عندي سكشن الصبح ..
-خلاص روحي كملي نومك
- لاخلاص انا فوقت مش هنام تاني..
-بلا يلا روحي نامي ..
- صدقني مش هنام
- (باصرار):روحي نامي يلا ..
- (وقد أفاقت تماما) هو في ايه! ..مُصر انام ليه ..في حد رايحله ولا ايه ..
- إي ..لازم انام بدري ..ورايا مزة مرة حلوة..لازم اروحلها بكير ..
يلا سلام بقي ..

واغلق الهاتف في وجهها ..
اخذت تدق الهاتف مرة تلو الاخرى ..لكن لا تسمع الا ذلك الصوت الذي تبغضه (هذا الهاتف مغلق او غير متاح)

ازداد الغضب داخلها ..كانت في حيرة من أمرها ..أهو نفس المصير الاسود ..ينتظرها؟ ..المصير الذي واجهته في الماضي ..ام انه فقط يمازحها
كان حبيبها يغلق الهاتف كذلك..في الماضي ..ولكن ليس مزحا..بل كان يمضي الي ما تشتهيه نفسه ..وتطيبه ...كان يغلقه حتي لا تقوم بازعاجه فتعكر
عليه صفو ما يفعل ..

قضت ليلتها تفكر وتفكر ..ارتدت ملابسها ..ومضت الي كليتها ..في حزن ..
لا تنكر انها استشعرت الغيرة تتسلل الي قلبها ..لكنها ذعرت وانتفضت ..عندما احست ذلك الضعف يقترب منها ..ليسيطر عليها ثانية ..
ذلك الحب ..الذي يصاحبه ..لوعة الاشتياق ..وآلام الفراق ..التي لم تبرأ منها بعد

كانت تسير شاردة الذهن ..حتي انتبهت علي يد تجتذبها برفق للخلف ..
توقفت للحظات عن الكلام..لاتصدق ما تري ..أهو حقا ..
ياسر:ما كذبت لما خبرتك ..اني رايح لمزة مرة حلوة ..الصباح..
تبسم لها ..واخذ ينظر في عينيها ..
اكمل حديثه ..برقة :وحشتيني يا نور ..اشتجتلك كتير .
ايه مش بتقولي حاجة ليه ..
اجابته بصوت منخفض يصحبه خجل :اقول ايه ..
هو(بتوسل):قولي ..وحشتني يا حبيبي ..نفسي اسمعها منك أوي ..

مر امام عينيها حبيبها الاول ..واول مرة اخبرته ..بحبها ..طأطأت رأسها بحزن..ولم تستطع الاجابة عليه..حقا لا يقدر قلبها ان يتفوه بهذا الكلام
ثانيةً ..

ذهبت الابتسامة شيئا فشيئا عن عيني ياسر ..
وسألها بحزن:ما اشتجتيلي ..ما هيك ..
هزت برأسها نفيا ..
واجابته في خجل:لا والله..بس ..
ولم تستطع استكمال حديثها

حل الصمت لحظات ..
ثم عاود ياسر رسم البسمة علي شفتيه ..
- خلاص يا حبيبيتي ..انا ما ابغى شي ..يعكر اليوم ..
يلا اميرتي الصغيرة ..وين تبغي تفطر ..
طأطأت رأسها في خجل .واجابته:معلش يا ياسر مش هينفع..لان عندي سكشن ..مهم ..مينفعش اغيب عنه ..
-(بابتسامته المعتاده):خلاص يا قلبي ..هضلي ناطرك..حتي تخلصي ..
تبسمت له ..ومضت ..

انتهت من درسها ..اخذت تبحث بعينيها ..عنه ..في ارجاء الكلية ..لم تجده..
دقت هاتفه ..
- انت فين يا ياسر؟ ..
- انا دجيجة وهبقي امام البوابة الرئيسية ..يلا اطلعي ..

مضت باتجاه البوابة ..
وجدته ..وبصحبته باقة من الورد ..
قدمها لها ..وعلي وجهه ابتسامة حب .ووله..

- حبيت اعتذرلك عن الايام اللي غبت عنك فيها بالسعودية..
تناولت الباقة ..
وقالت له (بابتسامة يصاحبها خجل):ميرسي ..
سكت لبرهة ..ثم سألها ..:ها قطتي الصغيرة هتفطر فين ..؟
- اي مكان ..
- انتي اتمني واللي تبغيه انا بحججهولك..اتمني اي شي ..اي شي..
سكتت لبرهة ..
ثم اجابته (بدلال):باريس ..ينفع
تبسم ضاحكا ..واجابها:طبعا ينفع ..داحين..بس المهم ابوكي مش يبلغ عني ..اني خطفتك ..
تبسمت له ..
اكمل كلامه بعزم:والله لهفطرك في باريس ..وعد مني ..


اصطحبها الي إحدى السفن الفارهة..التي تطفو علي ضفاف النيل ..
اخذت ترمق بعينيها ..السماء ..والمياه ..لمحت بعينيها ذلك الجسر ..تذكره جيدا ..عندما اخذت تنتظر حبيبها القديم ..ولم يأت ..
لاحظ ياسر الشرود في عينيها ..
دنا منها ..همس لها برفق :في شي ..؟
التفتت اليه ..وأجابته(بابتسامة حزينة):لا مفيش ..

- ها قطتي الصغيرة تفطر ايه؟ ..
- مش عاوزة حاجة ..
- ايش هو اللي ما تبغي شي..الاكل معي بالغصب..
- :خلاص عصير برتقان..
- ايه اللي برتجال ..انتي مريضة ..
اطلبي شي منيح هيك ..وش رايك تفطري متلي
- هتفطر ايه؟
- كرواسون شوكولاتهة ..ولاتيه..بيسووه طيب كتير
- ايه كل ده ..لا طبعا ..انت عاوزني اتخن!
- وايش اللي فيها ..انا ما بحبك هيك وانت ضعيفة ..اسمني شوي ..بتصيري متل الهرة لصغيرة ..

تبسمت ..وتوقفت عن الكلام لحظات ..
ثم سألته:عملت ايه مع باباك ومامتك ..قلتلهم ..؟؟
- آه جلتلهم ..بس جلت لابوي الاول
هي(بلهفة):قلتله ايه ..وقالك ايه..قول كل حاجة
- (ضاحكا):علي رسلك ..علي رسلك..
- يلا قول بقي
اعتدل في جلسته ..واخذ يحدثها ..بحركات تمثيلية ..
- انا جولتله..يا ابوي في قطة صغيرة ..بحبها ..عيونها يا ابوي ..يا الله من عيونها ..فيهم الكون هدا كله ..
وفيها صغير صغير هالقد..ولا شعرها يا ابوي ..قام قالي ..وش لون شعرها يا ولد ..قلتله ما بعرف

دنا منها برفق ..واكمل قائلا:ايش لون شعرك لاخبر ابوي ..
-(بدلال):قوله متعرفش
- انتي تبغي اجوله متعرفش..يجوم يقولي مين البنت الهبلة هادي اللي ما بتعرف لون شعرها ..وما يوافج نتزوج ..

ابتسمت ..
حل الصمت لحظات ..ثم دنا منها برفق ..وقال:نور ..معجول اني بيوم هصحي الاجي هالوجه جانبي ..عارفة اوجات بحس اني بحلم ..
معقول العيون هادي هفيق عليها كل صباح..والصوت هادا هنام عليه ..لما يحكيلي حدوته..
نور انا بحبك مرة ..بشتاجلك بكل لحظة ما بتكوني فيها معي ..
نفسي نتجوز مرة..لتصيري ملكي ..كل شي فيكي ملكي ..حتي شعرك اللي ما بعرف وش لونه هادا ..بيصير ملكي .انا.

عاد الصمت للحظات ..تبادلا الابتسامات ..
ثم عاود الكلام من جديد:ها عملتي انتي ايه معاهم في البيت قلتلهم ....؟؟!!

ذهبت الابتسامة عن وجهها ..ونظرت إليه بخجل يصحبه حزن..
واجابته:مش موافقين ..

حل الصمت لحظات ..ثم حاول رسم الابتسامة علي وجهه ليبث بداخلها الطمأنينة .
-طيب ليش زعلانة يا حبيبتي ..راح ضل وراهم حتي يجتنعوا ..حتي تصير الملكة علي عرشها ..
صدجيني يا نور ..انا ماراح اتركك ابدا..ما في راجل بهالكون راح ياخدك مني ..فهمتي علي ..
لو راح ضل وراهم حتي اموت ..راح ضل ..

تبسمت ..واخذ تنظر في عينيه ..كانتا مصدر راحتها وأمنها ..رأت بهما العزيمة والإصرار ..والتمسك بها ..رأت الرفق والحنان عليها ..
رأت الغيرة ..رأت الخوف الشديد عليها ..رأت ما لم تره من قبل ..شتان بين هذا الرجل وذاك ..
اخذت تتذكرر حبيبها الاول..عندما كان يتعمد بث الخوف والحزن..الي قلبها الصغير ..عندما كان لايكترث ولايبالي الذهاب الي عمله ..
عندما كان يحمل قلبها الصغير ..عناء التفكير..في كيفية تدبير الأموال..لإتمام هذة الزيجة ..
آه ثم آه ..علي تلك الايام التي قضتها يوما ما معه ..وآه ثم آه علي هذا الرجل ..بل لم يكن يوما رجلا ..

دنت من ياسر برفق ..وهمست له ..:انا بحبك..بحبك أوي ..

تمت الخطبة بعد شهر ..تمت بعد عناء ومشاجرات مع أهلها ..إلى أن أقنعتهم ..أو بالأحري عندما لمسا بهذا الشاب .الصلاح والحب الذي يقطن قلبه ..
كانت العائلة بأكملها ترحب بهذه الخطبة..إلا والدتها ..كانت تستشعر مدى الخطر ..الذي يصاحب تلك الزيجة ..خطر اختلاف ثقافات البلدتين ..

لم تكترث لأحد ..وأصرت علي إتمام الخطبة ..
مضي أكثر من 4 أشهر علي الخطبة ..كان يأتي بسيارته الفارهة ..ليصطحبها للتنزه ..كانت حقا تري ما لم تره يوما بعمرها ..
كانت رفيقاتها ..يحملن لها الحسد والحقد ..نتيجة هذه الخطبة ..وازداد ذلك الحقد ..عندما اجتمعن بهما يوما ..
رأين كيف يدللها ..كيف أن عينيه ترقبها متي تحركت ..يمينا ويسارا..لايكترث لأحد سواها ..بلا لايري بالمجلس أحدا سواها ..
سمعن..كلمات الغزل الذي يسمعها اياها ..

كانت آلام الماضي بدأت تتداوى شيئا فشيئا..تتداوي أكثر وأكثر ..عندما تري هذة النظرات بعيون صديقاتها ..
كانت تتذكر كيف كان يُشمِّت بها حبيبها السابق ..اولئك الفتيات ..

انتهي العام الجامعي الثاني ..كانا قد اتفقا علي موعد الزفاف بعد شهر ..واتفقا علي الانتقال الي بلدته..ونقل اوراق جامعتها الي الجامعة هناك ..
كانت حزينة كثيرا..لانها ستفارق أمها ..وعائلتها ..ولكنه كان يبث الطمأنينة داخلها..ويعاهدها..بأنه سيأتي بها متى أرادت ..لترى أمها
..

كان ببلدته ينهي ما بقي من تجهيزات المنزل..
دقت عليه هاتفه ..واستأذنته أن تمضي هي وابنة خالتها لشراء بعض لوازم العروس التي تنقصها ..ووافق بعد توسلات منها ..
فهوا لا يرضى أن تذهب دونه الي اي مكان ..

انتهت هي وابنة خالتها من شراء ما ينقصها ..
وبينما هما عائدتان...صادفتا حبيبها ..الاول ..
استوقفهما رغما عنهما ..
وجه إليها سؤالا بسخرية: مبروك يا عروسة ..بعتي نفسك ..للي يدفع أكتر ..بعتي نفسك بكام!!؟؟
وقع السؤال عليها كالصاعقة ..
نهرته ابنة خالتها بشدة وقالت في حدة:انت بني ادم قليل الادب ..وزبالة
اشارت إليها بالتوقف عن الكلام ..ونظرت اليه ..نظرة احتقار ..وقالت في تحد:علي الأقل هو اشتراني ..ما باعنيش واستبدلني بالارخص ..

وتركته ومضت ..

عادت الي منزلها ..اختلت بقلبها ..داخل غرفتها ..أخذت تبكي وتبكي
لم تظن يوما ..أن هذا الرجل ..سيء الخلق إلي هذا الحد ..
قطع خلوتها ..صوت هاتفها المحمول ..
كفكفت دموعها ..وحاولت استعادة صلابتها ..
أجابته :ايوه يا ياسر ..
- (بغضب):إيش فيه يا نور ..ما خبرتك أول ما تعودي تدجي علي ..
أجابته ..بصوت محتقن:خلاص يا ياسر ..نسيت ..مش كل شوية ..زعيق ..وغيرة بقي ..
- (بغضب ..يصاحبه نبرة عالية بعض الشيء ):انتي بتصرخي علي ..نور ..انا صحيح بحبك ..بس انا رجال ما بحب مرتي تخرج لحالها ..انا وافجتك بس عشان متزعليش ..لكن ما تتكرر ثاني ..فهمتي علي ..ولا تصرخي علي ..
حل الصمت للحظات ..
ثم قالت له بصوت يصحبه الخجل:أنا اسفة ..والله ما قصدي .متزعلش ..
هو:خلاص ما في شي ..
سكت برهة ..ثم عاود التحدث ثانية: نور انتي في شي مزعلك ..
سكتت لبرهة ..ثم اجابته :لا ..لا مافيش حاجة ..
بس زعلانة عشان هسيب ماما ..
هو(محاولا التخفيف عنها):ومش فرحانة مشان هتصيري بحضن حبيبك ..ولا انتي ما تبغي تكوني معي ..
ابتسمت ..
ثم اجابته:اكيد طبعا نفسي ..
- ها قوليلي ايش اشتريتي اليوم ..
- حاجات كده ..
- يعني ايش هي الحاجات كده
- (بخجل):حاجات كده يعني ..
- (متعمدا اثارة خجلها):ايوه يعني ايش هي الحاجات اللي يعني كده ..
- :خلاص بقي يا ياسر ..
اخذ يضحك للحظات ..
ثم قال لها بحنان:لساتك بتخجلي مني ..
تبسمت ..واجابته في خجل:اكيد ..

كان دائما ما يخفف عنها ..ويداوي ما بها من جروح ..لم تذكر يوما ..أنه آلمها أو أهانها ..
كانت إذا ضاقت بها هذه الدنيا ..تهرول مسرعة إلى هاتفها ..لتحدثه ..كان حقا الرجل الذي تمنت..
كانت تحزن من قلبها حينا بعد حين ..عندما تقسو عليه ..كانت تشعر بالحزن والخجل من نفسها ..لأنها لا تعامله كما كانت تعامل ذلك الذي كان..
كان شئ ما قد كسر ..ويأبي أن يعود ثانيةً..
كانت لم تكن قد احبته ذلك الحب الافلاطوني ..الذي احبته سابقا ..لكنها أحبت ..ولهه بها ..وعشقه لها ..
أحبت طيبته ..ورجولته ..أحبت رفقه بها ..وقسوته عليها ..عند الغيرة ..كانت تشعر أنه رجل بحق ..

مر الشهر سريعا ..وأتي يوم زفافها ..كان زفافا اسطوريا..كانت تشعر كأنها ملكة بحق ..
مازالت تذكر ..نظرات المدعوين ..المليئة بعضها بالانبهار والفرحة .والبعض الاخر بالحسد ..والغبطة ..
دمعت عيناها الأن ..عندما تذكرت ..ليلة عرسها ..
كان قد اصطحبها الي فندق ..فاخر ..
تَذكُر عندما دنا منها ..وهمس لها .برفق:أخيرا صرتي ملكي ..
لمح بعينها الرهبة والخوف ..اقترب منها ..وضمها بين ذراعيه ..بحنان ..
وهمس لها:آه يانور ..اشتجت للحضن هادا من زمااان ..من أول ما شفتك ..
امسك برأسها بين كفيه ..ونظر بعينيها ..وقال بحنان :بحبك اوي ..

ثم سكتت شهرزاد عن الكلام المباح ..

يوميات امرأة بين الأقواس

كان صباحا عاديا باردا ككل صباحاتي هذه الأيام... تفطري؟.. أفيق على صوت أمي.. أهز رأسي باستسلام.. لم أغفل يوما وجبة الإفطار حتى وأنا في أسوأ أيامي..
أخرج إلى الشرفة، أتأمل الشارع الواسع العامر بالسيارات ليل نهار، وأحدق في الناس الواقفين ينتظرون المواصلات أمام باب منزلي.. يتعالى صوت كمسري سيارة السيرفيس، وهو ينادي برتابة "دقي..تحرير.. دقي.. تحرير"...أتنهد.. تقاطعني أمي: ألم تقولي أنك ستخرجين اليوم؟
أحدق فيها بعينين خاويتين.. لا أريد حقا الخروج.. كان مشوارا مؤجلا منذ عدة أسابيع، لكن آن أوانه، كنت بحاجة إلى ناسخ رقمي جديد..
ارتديت ثيابي بآلية، وأمي ترمقني بقلق.. نظرت إلي متسائلة بعد توقفي عن ارتداء نصف ثيابي.. ألمح نظراتها فأجيب: لا أريد الخروج.. لكن.. هذا الناسخ لابد من شرائه..
في الشارع أقف بين الناس الذين كنت أراقبهم منذ قليل.. أشعر ببرودة غربة تسري في بدني ،فأنأى بنفسي عنهم قليلا، وآخذ في مراقبة السيارات الرائحة والغادية دون تركيز..
-مالك؟
انتفض على الصوت وأنظر أمامي.. كان ابن خالي يتأملني بدهشة
-أناديك منذ فترة ولاتردين
أرد باقتضاب
-قرفانة
-من إيه؟
أهز كتفي بلا مبالاة
-رايحة فين؟
-وسط البلد..
ألمح سيارة سيرفيس فأشير لها، وأسرع نحوها، وأنا أشير لابن خالي مودعة..
أعود للغوص في صدفتي، بعدما أسلم السائق أجرة الركوب،...الشوارع مزدحمة كعادتها.. والأزمة المرورية أكثر تفاقما كعادتها..
أصل إلى ميدان التحرير.. الميدان الأشهر.. وأبدأ في اجتيازه في طريقي إلى شارع البستان، حيث يوجد مول الكمبيوتر...
الميدان ليس ككل الأيام.. شبه خاو من الثوار.. عدا مجموعة تجمعت في الحديقة أمام شارع محمد محمود، ومجموعة الخيام المتواضعة المتراصة في الكعكة الحجرية التي تتوسط الميدان...نعم لقد انقضى عهد الخيام الفارهة الخاصة بالمشاهير وطلبة الجامعة الأمريكية ... ولم يعد بالميدان سوى خيام الفقراء من أسر الشهداء ...!
أصل إلى الشارع .. وأنعطف نحو باب المول.. أمر في طريقي بمتجر صغير يبيع الأدوات المنزلية.. لم أكن ربة منزل قط.. ولكني دخلت المتجر دون أن يكون في ذهني شئ أشتريه.. ألمح بالمتجر سيدة أجنبية عجوز.. أخالها زبونة.. فأنتظر قليلا حتى تنتهي من تجوالها بالمتجر.. لا أريد إفساد السياحة...
تبدأ في الكلام بلكنة إنجليزية عتيقة، ربما كانت أيرلندية...، يخرج صاحب المتجر من المخزن الخلفي الصغير ويلمحني فيتهلل ويقول : أوامرك ..أبتسم ولا أجيب.. ألمح في يده صينية عليها براد شاي يتصاعد منه البخار، وكوبين فارغين، ويبدأ في صب الشاي في الكوب..
يرفع عينيه مبتسما ويدعوني لمشاركته، فأبتسم باعتذار ، وأدعي الانشغال في تأمل المعروضات.
يسأل السيدة التي جلبت كرسيين ومنضدة صغيرة ووضعتهما إلى جواري.. milk؟
اتنبه فجأة إلى أن السيدة ليست زبونة عادية..
ترد السيدة بلكنتها ولكني لا أفهم ماقالته.. يبدأ هو في صب اللبن ووضع السكر، وقد فهم ماتقول..!
يرن هاتفي بنغمة حبيبي المميزة، فأندهش، فهو لم يتصل بي منذ أسبوعين كاملين!
أرد على الهاتف، وأنا أسحب بآلية سكينا من المعدن غير قابل للصدأ وأقدمه لصاحب المتجر..
- تصدق إن النغمة اللي عملاهالك ماعادتش لايقة عليك!
يرد بصوت منخفض يشوبه الخجل : والله لو تعرفي أنا في إيه..
أدفع ثمن السكين للعجوز، وآخذ سكيني، وأكمل مكالمتي، وأنا أخرج من المتجر...
أخذ يتحجج بما لايستطيع قوله على الهاتف... و... و...
لم أسمع حقا مايقول ..كنت مشغولة بما قلته أنا.. لعله الآن يحسب أن النغمة المخصصة له هي نغمة حب.. لا إنها نغمة أمان، وانا لم أعد حقا أشعر بالأمان..
تنتهي المكالمة وأنا أفكر في السكين الكبير غير المشحوذ الذي اشتريته دون أن أعرف لماذا اشتريته هو بالذات.. وأضحك (بالتأكيد لدى فرويد تفسيرات كثيرة لهذا الفعل!).
أدخل المول.. وأتخير متجرا صغيرا دون تركيز، وأسأله عن الناسخ، فيخرجه لي وقد زاد سعره عما اشتريته من قبل بثلاثين جنيها، لكني لم تكن لدي أي رغبة في الحديث والفصال، يسألني عن اسمى، ويخطئ كعادة كل الناس في كتابته.. لا أصحح له خطأه كعادتي مع أمثاله.. أخرج إلى الشارع مرة أخرى أحمل ناسخي الجديد وسكيني الطويل...
أسير في الطريق.. أشعر بكل التفاصيل المحيطة وهي تلفظني.. فأنا خارج كل التفاصيل..
يمر بي ثنائي إفريقي ..أتأمل بحسد ذراع الشاب التي تحيط بكتفي الفتاة السمراء.. أنفض حسدي فورا.. من قال أن المظاهر هي الوجه الحقيقي للأمور.. يمر بي شاب يتأملني باشتهاء من قمة رأسي إلى أخمص قدمي.. أبتسم خلف قناعي.. وتنتابني نفس الرغبة المعهودة في مثل هذه اللحظات.. أن أناديه وأطلب منه التوقيع على ورقة تقول أنني جميلة ومرغوبة.. أتنهد...
يخرج رجل من إحدى شركات السياحة، ويتأملني في محاولة منه لاكتشاف إذا ماكنت زبونة محتملة أم لا؟.. يلمح ملامحي الكئيبة.. فيفهم أنني من المقيمين لا الراحلين، فينصرف عني، إلى مجموعة من الرجال الريفيين..
-بني غازي؟
ألمح فتاة تقف أمام فاترينة عرض أحد متاجر التحف المقلدة، أعرف هذه الوقفة جيدا..إنها تنتظر حبيبا تأخر عن موعده.. وتدعي أنها تبحث عن هدية تشتريها.. آه أيتها الفتاة لقد طغت الأشياء المقلدة على الأصلية في هذا العالم.. كم وددت لو قلت لك امضي في طريقك ولا تنظري خلفك.. فمن أخلف موعده مرة، لايستحق أن تنتظريه بالمرة...
يخرج أحد العاملين بمتجر الهدايا، ويحاول إغراءها بالدخول إلى المتجر...
-عندنا حاجات تحفة جوه.. كل شعارات الثورة ويسقط حكم العسكر عندنا جوه..اتفضلي.. اتفضلي..
تتلفت حولها بخجل، وتدخل المتجر مرغمة.. تلتقي عيوننا لثانية.. وأنا أتجاوز باب المتجر في طريقي.. اهز رأسي نفيا بلا تفكير.. فتتأملني الفتاة بدهشة!
أمضي في طريقي إلى ميدان عبد المنعم رياض.. ألمح المتحف المصري، وتنتابني حالة من الحنين إلى ساكنيه، فما أشبههم بي.. توقف بهم الزمن عند لحظة التحنيط، وأنا أيضا توقف بي الزمن يوم وضعني الناس بين الأقواس...
كم تمنيت لو هدمت مرة أحد هذين القوسين اللذين يؤطراني... وجربت الحياة خارج تلك الأقواس..!
 يقولون أن الحياة خارج الأقواس.. يرضاها الرب وفيها الراحة للعبد.. يقولون أن من يحيا خارج الأقواس.. يذوب في الكل ولايغدو وحيدا...يقولون ويقولون ويقولون...
لا أدري لماذا تذكرت الرجل العجوز صاحب متجر الأدوات المنزلية والأجنبية العجوز ، وأتساءل هل يعيش هذان الاثنان خارج الأقواس؟
أفيق إلى نفسي، وقد اقتربت من الميدان...أعيد حبك القوس حولي.. لم أتعود الحياة دونه.. ولكن من يدري.. ربما جرؤت يوما.....!

السبت، 25 فبراير 2012

وعبثت بقفل الصندوق..جزء4

بدأ الدمع يترقرق في عينيها الآن..لا تعرف لماذا كان هذا الموقف هو الأبغض إليها ..إلى هذا النحو ..تتذكر هذه الفتاه جيدا ..كانت سمينة بعض الشيء ..ملفتة ..ولكن ليست أجمل منها ..حينها فقط .لم تجرح الحبيبة التي تسكنها بل جرحت المرأة ...الانثي التي تخبئها داخلها ..اخذت تتساءل ..هل هذا ما ينال إعجابه؟..هل لابد للمراة ..أن تقلع عن ارتداء ثياب السترة حتي تنال اعجاب ..حبيبها؟! ..تتذكر هي ..تلك الليلة جيدا ..تتذكر عندما جلست بالشقة المهجورة التي تقع في الطابقر الثالث من العمارة التي تقطنها تتذكر صوت رفيقاتها ..وهن يطلقن الضحكات الخليعة الرنانة ..وهن يتحدثن الي رفقائهم على الهاتف ..علي الدرج تتذكر دموعها في تلك الليلة ..تتذكر كل كلمة جارحة ..أسمعها لها ..تتذكر كل نظرة ..جنسية بذيئة ..نظرها الي رفيقاتها ..ارتسم بذهنها ..صورته وهو ينظر الي تلك الفتاة ..كلما حاولت النسيان..توضع هذه الصورة امام عينيها ..كأن القدر ..يحاول جاهدا أن يظهر هذا الشخص لها جيدا ...تتذكر عندما هرولت إلي غرفتها ..وخلعت عنها شالها الذي يغطي شعرها ..تتذكر عندما اخذت تنظر الي المرآة..ورأت وجهها الجميل ..وقد احمرت وجنتاها..تتذكر بريق عينيها السوداوتين في تلك الليلة ..كأنهن عيون مياه ..جارية ..تتذكر حديثها الي نفسها في تلك الليلة ..تتذكر عندما ضمت عروستها بين ذراعيها ..طالما رات في هذه الدمية نفسها الحزينة.. كانت تشبهها كثيرا..شعرها الذهبي كسلاسل الذهب ..وعيناها السوداوتان..وبياض وجهها الذي تصحبه تلك الحمرة .. ..واخذت تدلل دميتها في حزن كأنها تريد ان تمنحها القوة والثقة ..أو كأنها تريد أن تواسيها ..كانت تخبرها .."انتِ أحلي واحدة في الدنيا ,,مش تسمعي كلامه هو وحش ..كل الناس اللي في الدنيا دول وحشين أوي..كلهم بيجرحوا أوي..كلهم مش بيهمهم حد..(واخذ صوت نشيجها يعلو شيئا فشيئا) بس أنا مش عارفة ..اكون زيهم..ولا عارفه اسيبه..نفسي اسيبه أوي ..(وازداد صوت نحيبها) ...يارب ..طلعوا من جوايا ..ثم تراجعت عن الدعوة في عجلة وقالت (أو يارب اهديهولي يارب..) كأنها خشيت ان ..تأتي لحظة..وهو غائب عنها ..رغم أنه الحاضر الغائب..وهي توقن ذلك تماما.. ونامت وقد بللت دموعها وسادتها ..اعتادت وسادتها علي تلك الدموع..او بالأحري قد ملتها ..وحبيبيها الأخر... قد مل هذه الدموع.. لم يعد يكترث لها لكنها كانت توقن أنها تستحق هذا الشعور بحق..لأنها قللت من ثمن هذه الدموع...عندما منحتها لمن لا يقدرها . .كانت تضرب يدها بعنف ..في درجها الخشبي ...كأنها تعاقب نفسها ...علي كم الذل الذي ..امتلكها ...كانت تتساءل ...لما هذا الضعف؟ ..كانت تشك حينا بعد حين ..أنها ليست هي ..ليست نور..تلك الفتاة قوية الشخصية ..التي لم تكترث يوما ..لمعجب..ولم يهتز قلبها قط...لرجل ..التي اذا سالها أحد عن الارتباط ..تجيب ..أنها تريد ملكا..يجعلها ...أميرته المدللة ..

تتذكر جيدا ..عندما تناولت هاتفها في غضب ..وطلبت رقمه ..ونهرته باكية ..انت ولا حاجة ..وزبالة وكل حاجة وحشة في الدنيا دي ..ثم أخذ صوتها يضعف شيئا فشيئا ..انت ..وحش ..وحش اوي يامحمد..

أخذ يحادثها ..بمكره وخديعته ..التي تعرفها جيدا..وطالما حاولت الهروب منها.. حتي تجبر نفسها علي الاقتناع..بأنه يعشقها

هو:والله انا قولتلك كده عشان ..اغيظك..والله والله ..والله ..ما كان قصدي حاجة
هي(بصوت عال..باك:بطل كدب بقي ..انا شفتك ..(وبدأت نبرة صوتها تهدأ في حزن).. شفت بصتك ليها كانت عاملة ازاي ..انا عاوزة اسألك سؤال واحد..
هو:ايه ياحبيبتي ..
هي:لما انا مش مكفياك..كدبت عليا ليه؟ ..علقتني بيك ليه؟ ..هو انت ليه بتعمل فيا  ..انا نفسي اموت بقي ..
هو:بس ياحبيبتي عشان خاطري..والله انتي مكفياني وحبيبتي ..وكل حاجة ..

وأخذ يواسيها ..ويدللها ..كانت تشعر أن هذا الدلال..ما هو إلا كذب مصطنع ..كم حاولت أن تصدق كل كلمة حب أسمعها لها لم تلمس روحها ..أي كلمة ..لم تكن تشعر بهذا الحب ..الا في اوقات ضعفه وفشله في الحياة..عندما تغلق كل أبواب الحياة بوجهه ..بالأحري لم تكن تشعر بحبه..بل كانت تشعر باحتياجه ..

تتذكر عندما خلا البيت من الأهل يوما ..وقامت بارتداء فساتينها العارية ..التي تبدي مفاتنها ..كانت تنظر للمرأة ..بدهشة..ومكر ..دهشة ..من إثارتها وجمالها ..اللذين لم يرهم إلى الان..وبمكر ودهاء ...تسأل نفسها ..ماذا لو رآها في هذه الثياب ..لكن سرعان ..ما كانت تغمض عينيها ..بشدة ..كأنها تريد أن تهرب من تلك الأفكار القاتلة ..التي يبثها لها عقلها ..أخذت تتعوذ من الشيطان الرجيم..لا تدري من أي الشيطانين تتعوذ ..!!

بدأت تتغير خلال أيامهما الاخيرة ,...كانت قد أيقنت أنه ..لا يحبها علي الإطلاق..لكنه يحتاج إليها بحق..لايستطيع الاستغناء عنها ..فقررت أن تعامله من هذا المنطلق..كانت قد أيقنت..او بالأحري أجبرت نفسها..علي الاقتناع..بأنها لن تقدر أن تحيا بدونه ..

كانت تحادثه ..وتترك الهاتف جانبا ..عندما يتحدث عن أي مشاعر تجاهها..كأنها قد ملت ..تلك الأكاذيب...لم تعد تقوى علي سماعها ..كانت تتساءل في حيرة كيف ستحيا مع هذا الرجل ..وهي تشعر بمثل هذه الأحاسيس معه؟...كيف وهي لاتقوي علي سماع كلمات الحب منه؟!..كانت تري نهاية زواجهما ..في طريقين منفصلين..إما أن تحيا امراة تعيسة..تتسول مشاعر الحب من زوجها ..وهو رجل .. يلهث وراء النساء ..أو أن تكون امراة خائنة ..لأنه بالتاكيد لن يشبعها نفسيا أو جسديا..وهي تعلم أنه لايحبها علي الإطلاق..بل ولا يشعر أنها الأنثي التي يتمناها ..فهو كالمجبر علي التمسك بها ..لمميزاتها الأخري..لم يكن يراها الأنثي الفاتنة ...ليس لأنها ليست جميلة ..بل هو يدرك أنها جميلة بحق ..ولكن عينيه أول..ما رأت ..رأت فتيات الليل ..بذلك الجمال الذي يصاحبه..السمار ..والشفاه ..الغليظة..والعيون التي لم تعرف البراءة طريقها إليها قط..فهي لا تحمل سوى  نظرات الإثارة الجنسية للرجل ..لم يكن جمالها ..يمتلك هذه المواصفات..فهي رغم جمالها ..إلا أن وجهها ..لا يجبرك الا علي ..الاعتراف ببرائته..كان هو لايري في هذا ما يرضي غرائزه..فهو شب علي شئ..و سيشيب عليه ايضا

مرت تلك الفترة بفتور قاس ..في علاقتهما ..إلي أن جاء يوم ..اقترحت عليها صديقتها ..أن يمازحاه..صديقتها
-ايه رأيك لو نعاكسه من موبايلي ..ونشوف هيعمل ايه ..هي
-(بحماس):ماشي أنا موافقة ..
بدأت صديقتها بمشاغلته ..واستجاب لها ..
هو:طيب ماشي يا مزة ...انتي محيراني معاكي ..بصي شوية وهاكلمك ..هخلص حاجة ...
ازداد غضبها من كلماته ..وذهبت إلي متجره لتنهره..وتواجهه ..وكانت الطامة الكبرى..قطرة المياه التي أغرقت القارب .. ....

كان ..يدير بوجهه تجاه غرفة تغيير الملابس ..داخل متجره ..سمعت صوته ..قائلا.

-أنا هاروح أجيب حاجة اشربها ريقي ناشف..تكون عدلتي هدومك..علي فكرة في مراية..في ضهر البروفة لو عاوزة تعدلي مكياجك..

استدار بوجهه تجاه الباب..ورآها..تملكه الذهول والدهشة ..أخذ يهز برأسه نافيا ..رغم أنها لم تسأله عن شيء..وكأنه ينفي التهمة عنه..شعور فطري ..نتيجة ارتكابه لما فعل ..

أما هي ..فلأول مرة لا تدري ما هو شعورها..تجمدت الدموع في عينيها ..لم تفعل شيئا..الا ان تنظرنظرت في عينيه..لاتحيد عيناها عنهما ..عضت علي شفتيها بشدة ..واحمرت وجنتاها..

اقترب منها بخطوات حذرة..في خوف ورهبة ..تمالك نفسه شيئا فشيئا..وهمس بصوت منخفض..يكاد أن لايسمع ..

هو:والله ما في حاجة ..والله..دي ..دي ..واحدة صاحبتي من زمان ..صدقيني ..هي بس ..دخلت تعدل ..
(ثم لم يقدر علي استكمال حديثه..تملكته رهبة ..وخوف غريب..من عينيها ..اللتين لاتحيدان عن عينيه ..كأنها تصرخ ..يكفي كذبا وغدرا ..)

وخرجت الفتاة من غرفة الملابس ..كانت ليست كأي فتاة رأتها من قبل..فإن كن هن يبدين زينتهن..فهي لاتخفي شيئا على الإطلاق....أي لحم هذا ..رخيص الثمن ..علي مالكته..

لا تعرف لما ارتجفت عندما رأت تلك الفتاة ..
أسرع هو في عجلة ..ورهبة ..امسك بيد الفتاة ..وقدمها نحوها ..وتحدث في توتر ..وقلق ..

هو:قوليلها يا دينا ..قوليلها انك صاحبتي من زمان ..قو.. (لم يقدر علي استكمال حديثه )..

نظرت إليه الفتاة في دهشة واستغراب

-هي مين دي اصلا ..
اجابها بصوت حزين
-دي ..دي نور ..حَبيبتي ..أو أو (وأكمل في تردد).خطيبتي ..وشريكتي في الحياة دي ..

أشارت إليه الفتاة ..لكي يغلق ما بقي من أزرار قميصه ..أغلقه في عجلة وتردد ..

همت هي بالذهاب ..اجتذب يدها في شدة ..

هو{بصوت عالي..ورهبة وخوف من أن تتركه}:انتي رايحة فين ..سايباني وراحه فين ..؟
اجتذبت يدها في عنف ..واستدارت ومضت ..

ذهبت إلي غرفتها ..تقدمت نحو سريرها ..أخذت تضع الأغطية عليها ..وهي ترتجف ..تبكي هذه الدنيا بحرقة ..تتذكر صورته ..وتلك الفتاة ..تتسلل اليها رهبة ..وخوف شديد من الدنيا..كانت كطفلة تهرب من شبح عذاب يلاحقها ..دق هاتفها ..انتفضت خوفا ..عندما رأت رقمه ..اغلقت الهاتف في عجلة..تحاول أن تجري وتجري من هذا الشبح الذي يخيفها ..وتدمع عيناها الآن ..ويمتليء قلبها بغضا أكثر وأكثر ..لهذا الشخص ..أي غدر ..جرح تلك الطفلة ..بل أي طعنة تلك التي أراقت دم هذا القلب الصغير ..آه ثم آه ..علي ندمها ..لحبها هذا الرجل ..أري الآن في عينيها ..رسالة اعتذار ومواساة ..لنفسها ..او بالأحري لذلك القلب الصغير ..الذي جرحته بالماضي ..أراها تهمس في أذن تلك الطفلة ..أنا آسفة..اعتذر منك لأني حملتك أكثر ..من قدرتك ..كم دمعت عيناها ..لأجل ذئب لا يستحق ..



مضت تلك الليلة كانت أصعب الليالي التي مرت بها ..استيقظت صباحا ..ورأت كم هائل من رسائله علي هاتفها ..اعتذار وتوسل ومناجاة ..أخذت خط الهاتف المحمول ..وضعته علي نار الموقد ..وأخذت تراقب احتراقه أمام عينيها ..كانت النار ترتسم في عينيها ..فحرقه لا يمثل لها حرق خط هاتف ..بل حرق ذكريات جارحة ..وطريق يمكنه الوصول منه إليها ..أخذت تري ..كل كلمة أسمعها إياها ..وهي تحترق ..أخذت تري كل دمعة سقطت من عينيها ..وهي تفني في تلك النار..أخذت تري ..خذلانها..وجرحها عندما ..لم يأت إلي موعد لقائهما ..اخذت تري كل كلمة حب كاذبة ..وهي تحترق ..أخذت تري ذلك الحب وهو يحترق..بل رأته ..هو نفسه ..وهو يحترق ..رأت نساءه ..وفتياته..رأت نظراته البذيئة..كل شيء..أبى إلا ان يفني في تلك النار ..

مضت أيام وراء ..أيام..كانت لا تؤثر شيئا علي جلوسها بمفردها ..كانت بالماضي تخبر نفسها أن الرحيل ..أصبح واجبا ..أما الآن فهي تري أن الرحيل قد فرض ..حاول هو استرضائها بكل الطرق عن طريق صديقاتها ..وبريدها الإلكتروني ..كانت تقرأ رسائله ..وهي تضحك ..وتسقط دمعتها..تضحك علي كم الذل الذي وصل إليه هو ..وتبكي ..علي ما آل إليه حبها ..أهذا هو الرجل الذي تعلقت عيناها به يوما في الطرقات! ..أهذا الذي بكت الليالي ..اذا لم تره يوما ..في مجلسه المعتاد! ..أهذا الذي كانت تسرق ..النظرات الخاطفة في عينيه بالماضي! ..أهذا هو الفارس الذي كان يشاركها أحلامها! ..أهذا الذي بنت القصور ..علي رمال مخيلتها ..لتحيا معه بها! ..أهذا الذي رأت طفله ..في احلامها !!..

كان قد مر أكثر ..من شهر ..علي الفراق ..حين أتت يوما صديقة لها ..تشكو إزعاجه لها من كم رسائل التوسل ..لمساعدته في صلحها ..أخبرتها أنه من الواجب ..أن تحدثه أن يكف عن ذلك ..

ترددت كثيرا ..قبل محادثته ..ولكنها كانت تعلم أنه واجب ..يجب أن يؤدى ..أمسكت الهاتف ..وطلبت الرقم ..
هي:الو..
هو:مين معايا ؟..
هي:عاوز مني ايه؟ ..
هو:عاوزك ..بحبك ومش هسيبك ..
هي:وانا مش عاوزاك..أنا معرفكش ..إنت مت ..عارف يعني إيه راجل يموت في نظر حبيبته ..
هو:انتي بتقولي كده وانتي مش فاهمة حاجة ..والله ..(وقبل ان يكمل كلامه ..قاطعته في عنف)
هي:كفاية كدب بقي ..كفاية ..عاوز مني ايه ..كفاية تدمير في نفسيتي بقي ..كفاية .(تمالكت نفسها ..واخفضت من نبرتها)عاوز مني ايه يامحمد؟
هو(بصوت رقيق ..ماكر):ترجعي لي
انتفضت ..من مجلسها ..مرت فجأة كل ذكري سيئة ..تذكرها له..كل مرة ..ذلت واهينت بها ..
أجابته..في قوة واصرار ..
هي:لا ..انا مش هارجعلك ..(واكملت حديثها ..كطفلة تخشي أن يلقي بها الي شبح العذاب ثانية ..كطفلة تحتمي ..بمصدر أمان ..حتي وان كان مصدر الامان لها ..هو ابتعاده عنها )..أنا مش هارجع اتذل تاني ..ولا اتجرح ..مش هارجعلك ابدا ..
هو(برقة واستعطاف):و عارفة تنامي ..
هي (بصوت حزين ..وضعيف):آه عارفة انام ..مابقاش في حد بيخليني أنام معيطة يامحمد ..مبقاش في حد بيهزأني كل يوم قبل ما انام ماحدش عاد بيحملني ذنب ..بهدلته ومشاكله مع الناس..ويجي يفرغ شحنته فيا ..مابقاش في حد بيذل أنوثتي وثقتي ..ويكلمني علي بنات ..ومفاتن وجمال البنات اللي بيشوفهم .معدتش بكلم اكلم..والاقي اللي بكلمه مركز في التلفزيون ومابيردش ...عارف يامحمد ايه الحاجة اللي بتبكيني بحق ..اني مش لاقية للانسان اللي حبيته ذكري واحدة تخليني اعطف عليه واسامحه..ياما كنت باتحايل عليك عشان متقساش ..ياما كنت باقولك متحولش الحب ده كره..لكن انت مكنتش بتسمعني
مسحت ..دموعها ..وتمالكت نفسها بقوة ..

هي:انا مش عاوزاك ..لو انت آخر راجل في الدنيا أنا مش عاوزاك ..
هو:طيب أنا آسف ..سامحيني..
هي(بقوة واصرار):لا ..قلتلك لا..ياريت ماعدتش تزعج حد من صحابي ..ولا تبعتلي رسايل..عشان انت مت ..بالنسبة لي ..أنا اقنعت نفسي إن الانسان اللي حبيته زمان..وكنت بسرق أي لحظة عشان اشوفه فيها من بعيد...مات للأسف قبل ما اعرفه ...سلام ..يامحمد..

أغلقت الهاتف ..وكفكفت دموعها ..ولكن بالرغم من هذه الدموع..الا أنها أدركت أن هذا الرجل مات بداخلها بحق ..لم يكن كلام تتلفظ به فقط كانت قد رأت صورة أخري لذلك الرجل ..صورة الذل والهوان...كانت تدرك بحق ..أنه لا يتذلل من أجل حبهما..بل من أجل ألايضيع هذة الفرصة الذهبية من بين يديه..المواصفات التي لن يقدر علي تعويضها ثانيةً...لكن هذه الصورة قد أبغضته إلي قلبها أكثر وأكثر ..فهي لن تتنازل يوما ..أن تحيا مع رجل حر..

الجمعة، 24 فبراير 2012

أهي أيام وتعدي...

رغم أن الكثيرين يعتبرونني كائنا مرحا، يحاول إشاعة البهجة والضحك في المكان، حتى لو تحول هو نفسه إلى مادة للضحك، فإن الحقيقة أن بداخلي حزنا مقيما أعتقد أنه ولد معي يوم استقبلني العالم بشبورة مائية هائلة، جعلت أسرتي تعاني الأمرين وهم ينقلون أمي إلى مستشفى الولادة..
كان كل شئ صعبا منذ اللحظة الأولى.. نعم..لم يكن الطريق ممهدا بالورود الحمراء التي أعشقها.. والتي لم يقدمها لي أحد قط!.. كان طريقا طويلا من الضرب والإهانة بواسطة كل ذكور الأسرة الذين تجمعوا علي لأنني ببساطة كنت الأنثى الوحيدة في العائلة..
وكبرت وأنا أزداد عنادا.. كنت أنتقي كل مايمكن أن يخالف طبيعة قامعي لكي أفعله.. بدءا من نوعية الدراسة.. ثم العمل.. وانتهاء بأسلوب الحياة ذاته.. أجبرتهم جميعا على تقبل فكرة أن أعيش وحدي في تلك المدينة.. ولكني لم أدرك وأنا أضع شروطا جديدة أنني قد حكمت على نفسي بالوحدة الأبدية!
فمجتمعنا الفاضل لايسمح للمرأة بأن يكون لها قرار أبعد من لون ثوبها (هذا إن سمحوا لها بذلك!)، وعبر كل الحريات التي نلتها بعد سنوات من العناد والإصرار، أصبحت في رأي عالم الرجال، مهرة نافرة لم تجد من يلجمها!!... أتعجبون من الجملة؟!.. انها الجملة التي قالها لي حبيبي يوما في لحظة صراحة، لقد قال لي.. لا أستطيع فهم تهاون شقيقك! لو كنت شقيقك لضربتك علقة ساخنة ومنعتك من كل ماتملكينه اليوم من حريات!!.. نعم هذا رأي حبيبي في، فمابالكم برأي أعدائي!!
لن أقول لكم أنني نادمة على رحلتي التي قاربت على الانتهاء، فهي في النهاية رحلتي أنا.. واختياراتي أنا رغم كل علاتها، ولكني حين أقف أمام مرآتي، وأحاكم ذاتي لايسعني إلا أن أقول لنفسي.."أعملّك إيه يعني!.. أنتِى من اخترتِى هذا الطريق، ولم يفرضه أحد عليكِ!"... نعم.. لم يفرض أحد علي شيئا.. وليس لدي ذلك المشجب الموجود لدى كل بنات العرب، لكي أعلق عليه ذنب ما آل إليه حالي!..
ربما كنت سابقة لعصري، وحصلت على مكاسب لم يكن العالم مستعدا لها بعد.. لكن النتيجة التي تحزنني حقا أنني لا أستطيع الشعور بالغبطة لما حققته، وفي نفس الوقت لا أستطيع التراجع حتى وإن أردت.... يلا.. أهي أيام وتعدي...

الخميس، 23 فبراير 2012

وعبثت بقفل الصندوق..حلقة3

كفت عن استكمال طعامها ..واسندت برأسها ثانية الي المقعد..كأنها طفلة  صغيرة ..تحاول ان تعود في عجلة..لاستكمال فيلما سينمائيا..يحلو لها ..
بدأت ترتسم علي وجهها معالم الحزن شيئا فشيئا ..ذهبت بمخيلتها الي ذاك اليوم ..او بالاحري تلك الليلة..
كانت اولي ايامها داخل الجامعة ..لكن الجامعة اصبحت لا تمثل لها شيئا..وكأن الجامعة كانت لها ..موضع التقاء نصفها الاخر..فعندما وجدته خارج الجامعة..اصبحت الجامعة سرابا..لايمثل لها شيئا..سوى عبء الذهاب يوميا..لاستذكار دروس وحسابات معقدة تبغضها كثيرا..فهي تكره هذه المواد..وهذه الدراسة...
وتنوي داخل قرارة نفسها ..ألاتعمل.. فهي قد رسمت علي رمال البحر ..قصرا ستحيا به مع حبيبها.. لن تعمل، ولن يشغلها غيره ..لم تكن تدري أن أكبر خطأ يمكن ان ترتكبه المرأة ان تحيا لأجل رجل!...أن تدور حول محور واحد..هو سعادته!
قضت نصف ليلتها ترتدي الثياب وتخلعها.. كانت في حيرة من أمرها ..أي الثياب سيبدي جمالها ..أي الثياب ستظهرها نحيفة اكثر ..كانت تتردد بين هذا وذاك..
هذا اللون يبدي جمال وجهها أكثر ..لكن هذا يبديها أكثر نحافة ..وهذا يبديها ممشوقة القوام اكثر ..حتى استقرت علي احداهم ..لازالت حتي اليوم تحتفظ به داخل غرفتها الكبيرة ...بعقارها ..الذي أهداها اياه زوجها ..طليقها ..لا بل غادرها ..حتي نصدق القول ...

اخذت تتذكر تلك الليلة ..وما دار بينها وبين حبيبها ..
هي:أنا زهقت نفسي اشوفك أوي ومش بقيت بعرف انزل عشان الكلية ..
هو:خلاص أنا اجيلك الكلية ..ونقعد في أي حتة ..
هي:بجد ؟..
ثم بدأ يتسلل الخوف إليها
وأكملت حديثها في رهبة
هي:بس افرض حد شافنا ؟..
هو:مش مهم ..إنتي حبيبتي.. مش مهم الناس كلها تعرف إني بحبك وإنتي بتحبيني! إنتي قريب هتكوني جزء من حياتي..أنا مش بعتبرك واحدة بحبها وخلاص ..
متخافيش بقي ..

كانت تظن في الماضي أنه يريد أن يقتل الخوف الذي يسكنها ..منذ الصغر ..لكن الآن أدركت أنه كان لايخشي عليها ..لا يبالي إذا أصابها أذي بسببه
استرخت برأسها علي وسادتها ..وأخذت تسبح وتسبح في عالمها الاخر ..ماذا سيحدث غدا؟ ..كيف ستكلمه وجها لوجه دون أن تخشي شيئا؟..حقا ستنظر في عينيه
كم احبتهم ..كم تمنت الزواج منه فقط لأجل أن تستيقظ ..فتري هاتين العينين ..يغفونها بين أحضانهما ..
ولكن فجأة استيقظت من عالمها ..وانتفضت ..لقد نسيت أن زجاجة عطرها قد كسرت ...
اخذت تفكر وتفكر ماذا ستفعل..إلى أن استقر بها التفكير..ان تطلب عطرا من الصيدلية ..كان آخر ما بقي معها من نقود..كانت قد مضت توفر في هذه النقود منذ أكثر من شهرين ..لتشتري بها اكسسورات تريدها ..كانت قد رأتها ..ولكن ثمنها كان باهظا ..فآثرت ألا تطلب ثمنها من والديها وتدبر هي النقود لشرائها...
لم تبال بأن النقود سوف تفني، ولن تقوم بشراء ما تريد ..
كل ما كان يشغلها هو مظهرها أمامه غدا ..رائحتها ..ثوبها ..كل شيء ..يجب أن يكون علي أتم وجه
استيقظت باكرا ...تناولت هاتفها ..وتحدثت اليه
هي:صحيت؟ ..
هو:منمتش اصلا ..كنت بلعب بلاي ستيشن ..
هي:طيب وهاتيجي ازاي
هو:ملكيش دعوة أنا واخد علي كده ..المهم إنتي يلا البسي ..وروحي الكلية
وأنا ساعة وهالبس واجيلك ...

اغلقت هاتفها ..وارتدت ثيابها ..وذهبت الي الكلية ..مضت المحاضرة الاولي.. ثم الثانية ..
اخذت تدق الهاتف مرة ...ثم الثانية ...ثم الثالثة ..
لايوجد رد ...هذا ما وجدت ..منه
اخذت تدق المرة تلو الأخري ..ولكن دون .جدوي
كان قد مر أكثر من ساعتين أو أكثر..فلاوجد هو..ولا رد وجد!..
استشعرت بظلام كاحل..يحاوطها من كل الجهات ...
والآن هي تغمض عينيها بشدة ..كأنها تحاول أن تهرب من تلك الصورة التي طالما لاحقتها ...
استقلت اتوبيس الجامعة ..كانت عيناها لا تتوقفان عن الدمع ..حتي اغرقت هاتفها ..كانت تنظر الي رقمه المدون ...وتبكي ..كانت قطرات دمعها تسقط علي كل رقم من رقم هاتفه..
كانت هذة هي الطعنة الاولي منه ...

فجأة ارتسمت علي شفتيها ضحكة ..حزينة ..عندما تذكرت ذلك الشاب
كان زميلا لها بالجامعة قد جلس الي جوارها ..بالأتوبيس ..
وكانت تبحث عن مناديل داخل حقيبتها ..وهي تبكي ..فاخذ يعطيها الواحد تلو الآخر ..وهي تأخذ لا إردايا ..تكاد تكون لا تشعر به جوارها ..حتي استكانت وهدأت ..
التفت اليها ..وسألها في دهشة :هو في حد يقدر يزعل القمر ده! ...

عادت الي منزلها ..كانت اختها تنتظرها علي سلم المنزل..واخذت تهمس لها في فرح..ها عملتي ايه؟..,,احكي كل حاجة حصلت ..
اخذت تنظر لها ..بدهشة وحزن..كانت قد كسرت بحق ...

دق هاتفها في نفس الليلة ..كان هو ..لم تجب
اخذ يدق ويدق ..وفي لنهاية ..ارسل لها رسالة نصها كالاتي ..
"معلش راحت عليا نومة ..متزعليش يا نونو..تتعوض"!

اخذ يدق الهاتف طوال الليل ويرسل برسائل ..اعتذار ..كانت روعتها بدأت تهدأ..أجابته ..
هي:عاوز ايه مش مجتش
هو:بس ياحبيبي متعيطيش عشان خاطري ..
هي:(وبدأ صوت نحيبها يعلو):انت اصلا مش بتحبني لو بتحبني مكنتش تسيبني اولع وتنام ..
هو:والله ياحبيبتي ابدا..دانا باموت فيكي والله نمت غصب عني ..يعني انا هقولك اشوفك ومش هاجي بمزاجي ..
يارب اموت لو مش سامحتيني ..
هي(اخذت تكف كف دموعها..وتهديْ من روعها.):بعد الشر ..

قد تكون سامحته علي هذا الموقف..ولكن الطعنة قد تركت أثرا لم تستطع أيامها ان تداويه ..
مرت عدة ايام وأسابيع علي هذا الموقف ..كانت تستشعر أن حبها له يقل يوما عن يوم
وهو الآخر لم يكن يمنحها من وقته ..إلا ما يريد هو..وما يتناسب مع وقته وأشغاله فقط...
هو:دي رابع مرة تتصلي قلتلك مع صحاااااااابي ..
هي:الساعة بقت 3 الفجر ..هتروح إمتي؟!
هو:قلتلك مع صحابي شوية وراجع..مابحبش الزن
هي:مانت عارف إن النهارده الخميس اليوم الوحيد اللي باعرف أكلمك براحتي ..عشان مفيش جامعة ..
هوّ:حاضر ..إقفلي دلوقتي ..وأنا ربع كده وهروح ...

مرت أكثر من ساعتين ...حتي غفت علي هاتفها ..لم تشعر إلا عندما اهتز هاتفها في الخامسة فجرا..
هي:هو انت لسه راجع! ..ده اللي ربع ساعة !..
هو:معلش ياروح قلبي..والله سهرت معاهم بس
هي:مانت كل يوم معاهم..مستخسر فيا يوم واحد تكون معايا فيه ..
هو:أنا اقدر يامراتي ياحبيبتي ...ده أنا نفسي ابقي جنبك وفحضنك طول عمري ..ومحدش ياخدني منك أبدا ..
هي:طيب استنا اقوم اجيب بيبسي من الثلاجة احسن ريقي ناشف
هو(بعنف):بيبسي ايه انتي مش عاملة رجيم؟!
هي:ماهو النهاردة الكسر
هو:ولا كسر ولا بتاع .مفيش حاجة اسمها كسر اصلا ..
هي:خلاص يامحمد..ما هو انت جاي عشان تنكد عليا قبل ما أنام..
هو:هو أنا لما اقولك حاجة أنا عاوزها أبقي بنكد عليكي ؟!..
اكبري بقي واعقلي ..كده
اخذت تكتم دموعها داخلها حتي لا تبديها وهي تحادثه ..
هو:أنا آسف بس مش قصدي ..والله بحبك وانتي هبلة ومعيطة كده ..باحس انك حبيبتي الضعيفة
لا تعلم لما انتفضت تلك الليلة من مكانها ..كفكفت دموعها ..وسألته في دهشة
هي:هو إنت بتحبني لما انكسر ..واتجرح..؟!
اجابها بإجابة زادت من دهشتها أكثر ...
هو:ابقي كداب لو قلت لا ..
حتي بعد انتظارها لهذه الساعات..لم تكن تجد ما يسر قلبها ..لم تكن تجد كلمة حب..او همسة عشق ..
ما كان يحدثها الا عن فتيات الليل..الفاتنات.. اللاتي رآهن اليوم يمضين في الطرقات ..كانت تعطيه مساحة كبيرة من البوح بكل صدق عما يحدث له
لم تكن تعلم ..أن للمرأة خطوطا حمراء يجب ألا يتعداها الرجل ...كانت في حيرة من أمرها ...هل كان عليها أن تضع هذه الخطوط ..فيزيد من احترامها ..واحترام أنوثتها ..فلا يتكلم عن امراة اخري..
أم أن تتركه يبوح بما يحدث له، ويخطر علي قلبه ..فهي إن لم تتركه..سيكتم في قلبه ما يشتهي ...سيحادثها وهو يفكر في امرأة أخري يشتهيها ...
هل الصواب أن تمنعه ..بالقوة أن يبوح؟..أم أن الصواب من البداية هو أن تختار رجلا لا يري غيرها؟ ..
كان يمضي الى النوم...لايبالي باحتياجها اليه..احتياجها للتحدث معه..إلي الاستماع إلي كلمات الحب والغزل ..حتي يعوضها عن تركه لها طوال اليوم
حتي تصبح أقوي وأقوي...فهي تقاوم كل يوم نظرات..هذا..واعجاب ذاك ..لأجله هو فقط ..
كانت لا تدري..هل أحبت لتصبح وحيدة كما كانت سابقا؟..بدأت تتذكرذلك الشعور ..هو هو..ذاك شعورها داخل تلك البلدة ..شعورها بالظلمة والوحدة ...
لكن الفرق كان أعظم..ففي تلك البلدة ..كانت تري ضوء أمل ..يبشرها بأنه سياتي يوم ستذهب فيه من هذا الظلام...أما الآن فهي تدرك أنه لا أمل في أن تشرق من جديد
كانت تسأل قلبها يوما بعد يوم..كيف ستحيا مع رجل لا يبالي بها ..كانت تعلم جيدا أنه لن يتغير ..سيكون ذلك الزوج الذي يذهب الي فراشه دون اكتراث ..بهذه المرأة التي تجلس إلى جواره
أين هذا الرجل من احلامها !..كانت احلامها بسيطة ..لاتريد سوى وردة يعبر بها عن حبه... اتصال بعد خلودهم الي النوم...ليسمع صوتها ..كأنه اشتاقه رغم مفارقته من دقائق ..
لم يكن هو ذلك الفارس الذي تحلم به..بل علي الاحري لم يكن شيئا سوي عبأ نفسيا ..كبيرا

كانت تريده أن يهاتفها ليطمئن عليها أثناء عودتها من الكلية ...كان يعلم جيدا أن خبرتها بهذه المدينة..وهذه الطرقات.. لاتتعدي خبرة طفل في عامه الخامس..
كان لايبالي بأي شيء...ولا يخشي عليها من أي شيء ...
مرت عدة أيام ..وأتي موعد اللقاء الثاني ..وما يثير الدهشة حقا ..أنه تم مثل الاول ..هي هي نفس الأحداث..وهي هي نفس الوعود بالاستيقاظ والمجيء..لكن هذه المرة ..لم تبك ..ولم تدمع عيناها قط..أدركت حينها انه قد وجب الرحيل ..
تذكر جيدا هذه المكالمة ..الليلية بينهما
هي:انت مبتحافظش عليا..
هوّ:أحافظ علي إيه بقولك نمت.. نمت..
هي{وبدأ صوتها يعلو}:نمت إيه..
يعني اولع انا وأنا قاعدة مستنياك !..
هو:بقولك إيه أنا راجل محبش ست صوتها يعلي عليا ..
هي:إنت لو راجل صحيح ..ماكونتش تسيبني في الشارع استناك واللي رايح واللي جاي يعاكس ويبص ..
وأغلقت الهاتف بوجهه..
كان اول قرار لها .بتركه والابتعاد عنه ..
مرت عدة أيام ..
كان يرسل لها رسائل الاعتذار ..والتوسل ..يذكرها ..بأحلامهم..والطفل الذي ستنجبه يوما ...وتطلق عليه عبدالله
كانت تريده حقا عبدأً لله
لم يكن يدري أن هذه الرسالة قد زادت من غضبها وبغضها ..فقد تذكرت هذا الموقف ..عندما أخذت تحدثه عن هذا الطفل الذي سيكون ثمرة حبهما
هي:انا عاوزاه يكون ..شبهك ..
كانت تنتظر ان يبادلها الكلمة باصرار..بل يشبهك انتي..ولكنه أجابها بغرور
هو:آه شبهي..بس يكون طيب زيك ..

وكأنها لا تمتلك سوى الطيبة ...كان رجلا ..يشعر أي امرأة بحق بانوثتها ومدى جمالها ..إلا هي ..
كانت ترى في عينيه وكلماته..انها اقلهن جمال..واقلهن جاذبية ...كانت تشعر ..بدوران الأرض بها يوما بعد يوم ..
عندما تسمع كلمات الاعجاب من زملائها ..وأقاربها ..بل هي الطفلة ..التي منذ الصغر ..ملقبة بالجميلة..كانت العائلة..لاتتكلم سوي عن جمالها
اذا وضعت طفلة جميلة..سمعت..الجملة التي اعتادتها ..
"دي طالعة جميلة زي نور"
كان هاجس يراودها دائما..أنه ما أتي إلا ليدمرها..كان يتعمد أن يتحدث عن نسائه القدامي..والفنانين والمشاهير ...وعن جمال كل واحدة
إلا هي ...لم تذكر يوما أنه مدح عينيها...و جمالها ...مثل أي عاشق ..أو محب ..
كانت توقن حقا انه يريد أن يدمر ...ثقتها..، والتي كانت دوما مصدر قوتها..لا بل بالأحري...يريد قتل المرأة الواثقة من جمالها..التي تسكنها
مر يومان أو ثلاثة..لاتذكر تحديدا العدد..
التقيا ..بشارعها ..أوقفها رغم أنفها..وأخذ يعتذر ويتوسل لها أن تسامحه..اخذ ينظر الي عينيها ..ويذكرها بحبهما..كانت تري في عينيه ..نظرة تحد واصرار ..وقوة ..كانت تري عينيه
موطن القوة..لأنهما يعلمان جيدا انها تعشقهما ..وهو كذلك يعلم ...
لأجل ذلك بدأ يزداد من القسوة والطعن..لأنه يعلم تماما ..انها لن تتركه
الي أن أتت تلك الليلة ...
كان قد مر علي حبها..أكثر من أربعة اشهر ..حقا لم تبتسم ..أكثر مما بكت ..كانت الصفات السيئة بدأت تبدو شيئا فشيئا ..
الإهمال..والبغض لأهلها ...عدم الغيرة التي طالما ..وجدتها ..بين عينيه حتي وإن حاول هو التظاهر بالغيرة..
كان لايخشي ان ينظر إليها أحد سواه..لكن كل ماكان يخشاه..هو أن يفوز بها احد سواه
كانت في هذه الاثناء ..قد ازدادت الخلافات بينهما ..وكثر ما كان يحد من التفاهم بينهما حول موعد قدومه الي اهلها ..لخطبتها
كانت تنهره بشدة لأنه حتي لايكلف نفسه الذهاب إلي مشروعه الصغير ..لايذهب إليه الا عندما يحل الظلام الحالك ليلا..فيذهب ..للسهر والمرح مع رفقائه ...حتي فشل المشروع..وتكاثرت الديون عليه..
كان لايبالي كيف سيدبر الأموال للوازم زواجهما ..لايبالي إلا لنزهاته مع رفقائه..وسجائره باهظة الثمن ...لايبالي الا لنفسه ..هو فقط
حتي أتي يوم اشتدت حدة النقاش بينهما..كان ذلك اليوم  الذي اخبرتها فيه احدي صديقاتها ...انه غازلها ..لم تكن هذه الصديقة ..أول واحدة تحادثها في هذا الموضوع..فقد حدثتها اثنتان قبلها ..بمغازلته لهما ..
كانت تري بأعين صديقاتها ..الشماته والانتصار ..كأنهن يردن أن يخبرنها ..بجملة واحدة .."رغم أنك الأكثر جمالا والأهم اجتماعيا..إلا أنه يردنا نحن...يلهث ورائنا ..وآسف لاستخدامي ..هذا اللفظ..لكن الرجل اذا ترك الثمين ولهث وراء ...الحقير..كان كالكلب..يلهث وراء العظام ..
هو:والله ما شفتها ولا اعرفها صدقيني يا نونو..خليكي واثقة في نفسك بقي
متدمريش حياتنا عشان دول...يعني انا سبت اللي أجمل منهم عشانك ..وانتي مش واثقة فيا برضه

كانت تحاول التغلب علي نفسها ..وتصديقه..تعلم أنه كاذب لكنها تحاول أن ترغم قلبها علي التصديق ..
وأتي عيد الحب..قامت بشراء هدية صغيرة له..تعبيرا عن حبها له...ومحاولة لتخفيف حدة المشاجرات بينهما ...
أتت احدي قريباتها لزيارتهم..كانت فتاة جميلة بعض الشيء..وكانت مثل تلك البنات تبدي اكثر مما تخفي ..اصطحبت قريبتها ..ودقت هاتف ..حبيبها
هي:عاوزة اشوفك 3دقايق بس ...خليك في المتجر ال...
هو:ليه هو في ايه؟
هي:تعالي بس دلوقتي
أكملت طريقها هي  وقريبتها إلي المتجر ..كانت تحمل الهدية بيدها ..
رأته..ورأت تلك النظرة التي لن تنساها ..إلي أن ينتهي ما بقي من عمرها
تلك النظرة ..الحقيرة..الجنسية البذيئة ..إلي قريبتها ..حاولت ان تكذب نفسها ..ولكن تأكد ظنها..عندما دنا منها برفق..وهمس لها
هو(موجها النظر الي قريبتها ):ده ايه الصاروخ.... اللي معاكي دي ..؟!
...سقطت الهدية من يدها ..تجمع الدمع بعينيها  ...نظرت إليه باحتقار..ودهشة ..
طأطأت رأسها...في حسرة..وخزي..وهرولت مسرعة.. ومضت ..