الثلاثاء، 25 أغسطس 2020

النهايات

عندما نكون صغارا تمتلئ حياتنا بأوائل الأشياء.. .. اول نظرة.. اول حب.. أول يوم في العمل.. أول جنيه نكسبه.. وعندما تقترب النهاية تمتلئ الحياة بنهايات وأواخر الأشياء.. لكن الفارق الوحيد أننا الشخص الوحيد الذي لايعلم أنها أخر المرات وآخر الأشياء..

الحرية

لماذا لانكون أحرارا؟! لماذا لانقتنص بأيدينا صكوك عبوديتنا ونصنع منها طائرات ورقية نحلق بها في سماء أرحب من قلوب آسرينا؟ .. لماذا لانكون نحن.. دون أن نفكر في وقع ذلك على الآخرين؟ لماذا لانصرخ بأعلى صوتنا : ها أنا ذا أيها العالم.. لقد استيقظت حواء، وعلى العالم كله أن ينصت لهمسها!

وعود ‏كاذبة

وحين كبلوها بقيود الحنة القانية قالوا لها ستعيشين في قصر من نور على نمارق من حرير وسيأتيكِ الفارس المغوار بكل ماتشتهى الأعين وتهوى النفوس.. وسيكون ويكون ويكون.. ثم كان .. وكان.. وكان.. وانتهى العمر المكتوب ..ولم يبق في النهاية سوى آثار الحنة المهترئة في تلافيف الكف الذي نالت منه مساحيق الغسيل وسائل الكلور وبعدما أفنى جمالها الزمن فلا الفارس جاء ولا الولدان طافوا ولا القصر كان من نور ولا حتى النمارق كانت من حرير!!

صمت ‏الدروب ‏القديمة

صمت الدروب القديمة
=============
بالأمس حلمت حلما عجيبا.. رأيتني عدت إلى ذلك المكان الذي درست فيه علوما لم أعشقها... لماذا عدت؟ وكيف اتخذت هذا القرار الصعب بالعودة؟... لا ادري!!!... رأيتني أسلك طريقا قديما أشعر أنني قد مشيت فيه يوما في تلك البلدة الصغيرة التي عشت فيها طفولتي وفارقتها مع فراقى لحبي الأول.. لكن... هل كان هذا المبني الكبير الذي حاذيته في سيرى في تلك البلدة حقا!!! لا أدرى!!! أعتقد انه مبنى كلية مجاورة لكليتى القديمة وليس أحد معالم بلدتى الصغيرة!!! ما أبدع ماننشئه بذاكرتنا العشوائية من فضاءات ومبان افتراضية!!!... رأيتني اصل إلى مكان لم الشمل الذي لا أدري له سببا... ورأيتنى أقابل شخوصا لا أذكر أنها زاملتني في الدراسة... امتلأ حلمى بشخصيات مجمعة من مراحل متعددة في حياتي فهذا زميلي ولكنى قابلته لأول مرة بعد التخرج بعشرين سنة وهذا تعرفت به في حياتى الثانية.. وذاك لم اعرفه مطلقا ولا ادرى من أي مكان في الذاكرة جئت به... لكن الشئ العجيب حقا أن اسمه كان "عيد"!!!

رحيل ‏مؤجل

كنت أعلم أننى راحلة يوما لا محالة وأن التشبث بالعناقيد الذابلة ضرب من التعلق بحبال الهواء.. ولكننى صبرت سنين تلو سنين أتأمل العناقيد وأحلم بالحبات اللؤلؤية التى ستنير يوما ما طريقى.. ولكن اهترأت العناقيد ولم ينبت العنب وكان القدر الوحيد هو الرحيل.. فلم كان كل هذا الانتظار!!
 (رحيل مؤجل)

الموت

نحن لانخاف الموت..لكننا نخاف ان نرحل يوما ولايفتقدنا احد!!

يوم ‏الجمعة

يوم الجمعة كان يوما حزينا بالنسبة لى ابان دراستى بالكلية..فبرغم ان منزلى كان يبعد مسيرة نصف ساعة بالسيارة الا اننى كنت اشعر بغصة غربة تملأ قلبي فآخذ في التجول في شوارع تلك المدينة الصفراء القاسية التى كنت اسكنها ..كنت اقضى ساعة اتلصص على الناس في سنترال المدينة القريب..هذا يحادث زوجته وهذه تحادث حبيبها وتلك تبكى بعد زوجها ..لم يكن عصر الهاتف المحمول قد حل بعد..بعد ذلك كنت اتجول قليلا اتشمم رائحة الطهى المنزلى المسبك الذي تتصاعد روائح ابخرته من نوافذ المطابخ وغرف المعيشة واحن الى طهى امى وحضنها..لكنى في النهاية كنت اعود الى غرفتى ذات النافذة الالوميتال الباردة وسريري الايديال في بيت الطالبات...كانت اياما احن لها احيانا والعنها احيانا اخرى..لكنها في النهاية كانت جزءا من تاريخى وجزءا من تكوينى وهويتى

عمر

منذ اربع سنوات وبضعة اشهر خرجت مساء لقضاء بعض حوائجى وبينما كنت اسير بشارع العريش وجدت سيارة حملة التبرع بالدم فكرت قليلا ثم اتجهت للسيارة رغم تأخر الوقت..كان قد مضى على اخر تبرع لى 6 اشهر.. تهلل الطبيب لدى رؤيتى لان من سبقتنى تعذر تبرعها بالدم لاتخفاض ضغطها..قمت بالتبرع وهممت بالانصراف لكن الحملة اصرت على اهدائي كتابا حاولت الاعتذار كعادتى لكنى قبلت الهدية عندما علمت انها كتاب..كان كتاب "عبقرية عمر"
لم يكن الكتاب جديدا بالنسبة لى لكن امى خريجة المدارس الفرنسية لم تكن قد درسته وبناء عليه فقد قضت امى يومين تنهل من سيرة سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه وارضاه
وكما توقعت وقعت امى في غرام الكتاب وغرام الشخصية الجليلة وكانت النتيجة ان قررت امى ان يسمى ابن شقيقي الذي كان قد اقترب موعد ولادته "عمر"
مايو 2014
وهكذ وفي مثل هذا اليوم منذ اربع سنوات ولد ابن شقيقي وقرة عينى عمر ..

لطفية ‏الهبلة

"لطفية الهبلة" هو الاسم الذي اطلقه ابناء القرية على تلك السيدة الغريبة التى تركت قريتها الاصلية القريبة وقررت ان تسكن قرية امي..
قالوا عنها بلهاء لانها تركت عالما كاملا خلفها..تركت زوجا وحياة تشبه حياتهم ونزحت الى قريتهم دون سبب معروف..
قضت حياتها التى طالت نسبيا في التجوال في طرقات ودروب القرية تصادق الاطفال وتمنحهم مايجود به الناس من طعام وحلوى ونقود..
وخارج عالم الاطفال والبراءة كانت لطفية اما لعدد كبير من الاطفال الفعليين مجهولى النسب..مات منهم الكثير ولم يعش لها غير طفل واحد..
كان عمدة القرية حامل البكوية قد ضج من تلك المرأة التى تنجب سفاحا كل تسعة اشهر..قيل انه كان يريد ان يستغل المرأة المسكينة كى يلفق تهمة ممارسة الفاحشة لاحد خصومه السياسيين او احد افراد عائلته..
احضر المرأة المسكينة واستجوبها استجوابا عسيرا فكانت اجابتها انها كانت تنام مكشوفة في حقل الذرة الذي يملكه جدى رحمه الله وان الهواء الذي ينلاعب بشواشى الذرة هو ماجعلها حاملا!!
جاءوا بزوجها الفقير من القرية المجاورة وتم تعذيبه وارغامه على كتابة اللقيط باسمه وقد كان..
كبر الطفل في حضن امه المسكينة التى لاتفهم كيفية حمل طفل صغير..كان يسقط منها كثيرا فاصيب بمرض الصرع الذي تسبب في النهاية في موته غريقا وهو في ريعان الشباب اثناء غسيله لدراجته النارية...
يومها بكت لطفية الهبلة وانت انينا مرا رغم كل قسوة ذلك الابن عليها...كان يلومها  دائما لكون الجميع يصمه بابن الحرام...
في النهاية ..ماتت لطفية الهبلة وبكاها كل اطفال القرية الذين شاركوها الحلوى والطعام ..كانت جنازتها مهيبة مكونة من عدد كبير من الاطفال الباكين ورجل واحد بالغ هو (خالى) الذي كان يوما ما احد هؤلاء الاطفال الذين يشاركونها الحلوى..
رحمك الله يالطفية رغم انى لم اعرفك قط وكل مااعرفه عنك هو محض حكايات متتاقلة لكنى لم انسك قط واحلم باليوم الذي اراك فيه حية في عمل اكتبه..

الكابوس

اول امس جاءنى الكابوس المعهود.. لدى اختبار لم استعد له...!!
ليست اول مرة احلم بهذا الكابوس، فكلما تخطيت مرحلة حلمت باختبارها النهائي لعدة سنوات ، وهكذا حتى اتجاوزها الى مرحلة تالية.
اخر مرة حلمت به  رأيتنى في لجنة اختبار بكليتى القديمة ولكنى لا اتذكر شيئا لاننى تركت دراسة الهندسة منذ زمن بعيد...
هذه المرة كان الاختبار اصعب واصعب..كانت مادة لم احضر محاضراتها قط !! لانى كنت مشغولة بدنياي!!
اخذت وصديقتى نبحث عمن يساعدنى بمحاضرات ومذكرات بلا فائدة..الجميع مشغول بنفسه او يبتسم ابتسامة صفراء حين اقول..تركت المحاضرات كى اجلس معكم!!
في النهاية تذكرت طالبا عندى ملتزم ويكتب محاضرات جيدة..اخرجت هاتفى وحاولت 
الاتصال به.. لكنى لم استطع حتى الوصول الى رقمه !!!
لاول مرة ادرك كنه هذا الكابوس.. انه الاختبار الاخير الذي يفر فيه المرء من ابيه وصاحبته وبنيه..انه الاختبار الذي لن يساعدك فيه احد ولن يشفق عليك فيه احد لان عليك ببساطة ان تجتازه وحدك..
اللهم احسن خاتمتنا واحسن حسابنا واسترنا فوق الارض وتحت الارض ويوم العرض. . اللهم آمين
2014

زمان

زمان اوى وانا عمرى يادوب سنتين اخذنى خالى وهو خارج ليلعب كورة وكما هو متوقع فقد خالى الذاكرة اثناء ماتش الكورة الشراب فلما عادت له الذاكرة وجدنى قد اختفيت تماما!!
اخذ خالى يدور في شوارع مدينة فارسكور الهادئة وهو يبكى ضياع ابنة شقيقته الوحيدة التى جاءت بعد طول انتظار وبينما هو يلف في الشوارع المحيطة بمنطقة سكننا وجدنى اقف هادئة اتأمل مسحورة عاملى البناء وهم يخلطون الاسمنت بالطريقة القديمة..
كانت هذه هى المرة الاولى لكنها لم تكن الاخيرة.. كنت اعشق هذا المشهد.. الجاروف المربوط بحبل سميك والرجال المتراصين في صف واحد يمسكون جميعا بالحبل ويمزجون معا خلطة المونة بايقاع ثابت وهم ينشدون اناشيدهم الريفية الجميلة بقلوب اثقلها الفقر ولكنه وقف مبهوتا امام روعة صمودها..
كان هذا هو الجو العام للمشهد الساحر الذي يتخلله قدوم الفتيات واحدة تلو الاخرى فتخفض الواحدة منهن قصعتها فيملأها لها الرجل الوافف فرب الجاروف وهو يبتسم في حين تبادله هي ابتسامة خجلى تجعله يتهاون في ملء القصعة كما ينبغى!!
كان المشهد برمته ساحرا حرى بان يبقينى لساعات اتأمله حتى بعد مرور سنوات على تلك المرة الاولى..
لكن...مات المشهد واندثر مع اشياء عديدة طواها النسيان. . فالخلاط اصبح آليا والرفع للادوار العليا اصبح يستخدم مصعدا كهربيا..
ليس هذا فحسب فكأن الدنيا تصر على ان تصيب ذكرياتى جميعها في مقتل.. روت لى امى ان خلف كل فتاة عملت يوما في البناء قصة حزينة وان تلك الابتسامة التى كنت اراها قديما لم تكن حقا ابتسامة وانما كانت نظرة استعطاف واستغاثة تطلب فيها الفتاة من زميلها ان يكون رحيما بها...