لأني أحب ما كنا عليه يوما ما؛ أرفض أن نستحيل ذلك المسخ الذي أراه في منامي... أرفض أن أحول أمير حواديتي البريئة إلى ضبع أسطوري أخشاه وأرغبه وأرهبه في عين اللحظة ذاتها، وحين يهمس تحت نافذتي لايسعني إلا أن أتبعه منومة مسحورة إلى متاهات الأنين الباكي.
أنا أرفض أن أضيع في أفلاك أعجز عن حساب أبعادها، وأهيم في صحراء النسيان وآكلي اللوتس، أرفض أن أستحيل جزءا من كيان لايعرفني.. لايستثنيني.. لايقدرني.. لا يعتبرني -حتى- جزءا من كل؛ لأنه ينوي سلفا إذابتي وتحويلي إلى مركب آخر لا أعرفه ولا أدركه.
فأنا كائن.. كل متكامل.. كاملة بدونك... حتى وإن ادعيت أنا نفسي غير ذلك.. لا أحتاجك لكي أكون؛ لأني موجودة رغم أنف الجميع، وربما رغم أنفي أنا أيضا.
لقد قضيت سنوات طوال أحيك هذا الكائن الذي هو أنا.. مزيج من متناقضات ومتنازعات لم تتفق يوما إلا في عقلي، الذي ربما كان مريضا لنزوعه لأن يكون مسرحا لذلك العراك الأبدي، الذي لم ولن ينتهي بين تلك الأشياء التي لم تجتمع يوما على صفحة كتاب، فمابالك بعقل إنسان، وعقل إمرأة بالتحديد!
ولكني لا أستطيع إلا ان أكون هذه المرأة، التي رفضت القيد دوما، حتى ولو جاء على صورة إسورة من ضوء القمر يقدمها عاشق طالما تقت لأن أسكن وأذوب عشقا في أحضانه الدافئة.
فعذرا صديقي فهذه المرأة لا تستطيع أن تكون إحدى سبايا غزواتك حتى لو توجتها ملكة على جماع حريمك ... سيظل دوما بيننا محيط مالح من أجساد النساء المتلاطمة، وحاجز من آهات الغنج والشهوة يحرمنا من سماع آهات عشقنا الذي كان يوما ما بريئا.
فياحبيبي الصغير –واسمح لي أن أدعوك هكذا- تمنيت كثيرا أن أجدك في إحدى حواديت طريقي ، لكنني حين وجدتك، وجدت معك سلة من العيون المفتوحة، ولما كنت مثلك أحفل بالتفاصيل لم يكن بامكاني أن أتجاهل مارأيت وماشعرت، ولم يكن بإمكاني سوى أن أكمل طريقي، وأدعي أنني لست أنا، وأنك أنت لست أنت، وأن لقاءنا القديم لم يكن أبدا، وأن كل ما كان ربما كان حلما حلمته، أو قصة ألفتها ذات ليلة.