الثلاثاء، 25 أغسطس 2020

زمان

زمان اوى وانا عمرى يادوب سنتين اخذنى خالى وهو خارج ليلعب كورة وكما هو متوقع فقد خالى الذاكرة اثناء ماتش الكورة الشراب فلما عادت له الذاكرة وجدنى قد اختفيت تماما!!
اخذ خالى يدور في شوارع مدينة فارسكور الهادئة وهو يبكى ضياع ابنة شقيقته الوحيدة التى جاءت بعد طول انتظار وبينما هو يلف في الشوارع المحيطة بمنطقة سكننا وجدنى اقف هادئة اتأمل مسحورة عاملى البناء وهم يخلطون الاسمنت بالطريقة القديمة..
كانت هذه هى المرة الاولى لكنها لم تكن الاخيرة.. كنت اعشق هذا المشهد.. الجاروف المربوط بحبل سميك والرجال المتراصين في صف واحد يمسكون جميعا بالحبل ويمزجون معا خلطة المونة بايقاع ثابت وهم ينشدون اناشيدهم الريفية الجميلة بقلوب اثقلها الفقر ولكنه وقف مبهوتا امام روعة صمودها..
كان هذا هو الجو العام للمشهد الساحر الذي يتخلله قدوم الفتيات واحدة تلو الاخرى فتخفض الواحدة منهن قصعتها فيملأها لها الرجل الوافف فرب الجاروف وهو يبتسم في حين تبادله هي ابتسامة خجلى تجعله يتهاون في ملء القصعة كما ينبغى!!
كان المشهد برمته ساحرا حرى بان يبقينى لساعات اتأمله حتى بعد مرور سنوات على تلك المرة الاولى..
لكن...مات المشهد واندثر مع اشياء عديدة طواها النسيان. . فالخلاط اصبح آليا والرفع للادوار العليا اصبح يستخدم مصعدا كهربيا..
ليس هذا فحسب فكأن الدنيا تصر على ان تصيب ذكرياتى جميعها في مقتل.. روت لى امى ان خلف كل فتاة عملت يوما في البناء قصة حزينة وان تلك الابتسامة التى كنت اراها قديما لم تكن حقا ابتسامة وانما كانت نظرة استعطاف واستغاثة تطلب فيها الفتاة من زميلها ان يكون رحيما بها...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق